Commentary

أزمة غزة

أثارت الغارة التي شنتها إسرائيل على الأسطول المتجه إلى قطاع غزة احتجاجًا دوليًا عنيفًا كما أدانها مجلس الأمن بالأمم المتحدة. ترتب على هذا الهجوم نتائج مباشرة تتعلق بإسرائيل ووضع المفاوضات العربية الإسرائيلية، ليس ذلك فحسب، ولكنه فرض تحديات أمام الدبلوماسية الأمريكية وموقف أمريكا في العالم الإسلامي.

في يوم الأربعاء 9 حزيران/يونيو، أجاب شبلي تلحمي على أسئلتكم فيما يتعلق بالغارة الإسرائيلية على الأسطول المتجه إلى غزة، وعواقبه وتداعياته على عملية السلام في الشرق الأوسط، في حلقة نقاش ترأسها ديفيد مارك، محرر أول في صحيفة “بوليتيكو”.

12:36 ديفيد مارك: أهلاً ومرحبًا بكم. شكرًا على انضمامكم إلينا. معنا اليوم شبلي تلحمي للإجابة على أسئلتكم فيما يتعلق بأزمة غزة. دعونا نبدأ.

12:36 [تعليق من نيت]: لماذا استرعت هذه المأساة اهتمامًا دوليًا وإقليميًا كبيرًا؟

12:37 شبلي تلحمي: من الواضح أن الظروف المباشرة لها علاقة كبيرة بهذه الأزمة، حيث تمثلت هذه العلاقة في حقيقة أن هذه الواقعة كانت مواجهة بين جيش مدرب جيدًا ومجموعة من الناشطين المدنيين الدوليين في مياه دولية، الأمر الذي نتج عنه خسائر بالغة في الأرواح. بيد أن هذا لم يمثل إلا جزءًا من القصة. وأعتقد أن الاهتمام والاحتجاج الدوليين يرتبطان في جوهرهما بسياق الحدث. فمنذ انتهاء الحرب في غزة في كانون الثاني/يناير من عام 2009، كان هناك غضبا دوليًا إزاء ما قامت به إسرائيل في هذه الحرب وما تبعها من حصار.

12:37 شبلي تلحمي: على الرغم من أن الموقف في غزة لم يسترع اهتمامًا كبيرًا في الولايات المتحدة منذ حرب غزة، كان للأمر أهمية بالغة في البلدان ذات الأغلبية المسلمة وفي كثير من البلدان الأوروبية، مع التركيز على النتائج الإنسانية التي عانى منها سكان غزة والمطالب الدولية السائدة، بما في ذلك مطالبة الولايات المتحدة برفع الحصار. وبالفعل فقد تم عزل إسرائيل عن مسألة غزة في بعض النواحي في الرأي العام العالمي، وكانت قضية غزة نقطة خلاف بين الولايات المتحدة والكثيرين على مستوى العالم، حتى إنها أحيانا كانت تحل محل المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية نفسها.

12:38 شبلي تلحمي: دائمًا ما كان يجد المسؤولون الأمريكيون أنفسهم في موقف الدفاع عن هذه القضية، ليس هذا فقط في الشرق الأوسط ولكن أيضا في جميع أنحاء العالم. وبالفعل، كما أشارت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون مؤخرًا، قد أصبح الصراع الفلسطيني الإسرائيلي حقًا صراعًا عالميا يطرحه تقريبًا جميع القادة على مستوى العالم في لقاءاتهم مع المسؤولين الأمريكيين.

12:39 شبلي تلحمي: لقد أدى هذا الموقف إلى ظهور تعاطف كبير مع العديد من المجموعات الدولية الرامية إلى فك الحصار، وفي هذا السياق انحاز الكثير من الرأي العام العالمي إلى هؤلاء الذين كانوا يحاولون رفع الحصار. غير أن الأمور قد ازدادت سوءًا عندما انتشرت أخبار الخسائر الفادحة في الأرواح. إن حقيقة أن معظم الخسائر المدنية كانت تركية وأن الأسطول كان يرفع أعلامًا تركية، كانت هي نفسها نتيجة تبعية لسببين.

12:39 شبلي تلحمي:
أولاً، أنها تسبب توترًا كبيرًا في العلاقات بين حليفين سابقين – إسرائيل وتركيا – وقد توترت بالفعل العلاقات بينهما إلى حدٍ ما خلال الأشهر القليلة الماضية. ثانيًا، حقيقة أن معظم الناشطين والضحايا من غير العرب، في قضية يعتبرها العرب من القضايا الرئيسية بالنسبة لهم، وهي القضية الفلسطينية، جاءت عاقبتها إلحاق “العار” بالحكومات العربية نظرًا للمفهوم السائد في المنطقة والذي مفاده أن هذه الحكومات لا تفعل ما يكفي لحل هذه القضية. نقطة أخيرة أينبغي الإشارة إليها، وهي نتيجة لما تقدم، فإن هذا الحادث قد وضع الولايات المتحدة في موقف غاية في الصعوبة، ذلك أن إدارتها تقدِّر العلاقات مع كل من إسرائيل وتركيا، الحليفين.

12:39 [تعليق من إيريك]: ما هي الآثار الواقعة على سياسة الولايات المتحدة في المنطقة وعلاقتها مع إسرائيل؟

12:42 شبلي تلحمي:
إن وضع الولايات المتحدة يختلف إلى حد ما عن وضع أي دولة أخرى في المجتمع الدولي، ليس فقط بسبب علاقتها الخاصة مع إسرائيل، ومع حليفتها تركيا في هذه الحالة، ولكن أيضًا لأنها الوسيط الرئيسي في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ولا يفوتنا أن القضية هنا لا تتمثل في الأسطول في حد ذاته أو حتى في العلاقات الإسرائيلية التركية، بل إن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني نفسه هو الذي أصبح في موقف يتعذر الدفاع عنه ويتطلب اهتمامًا، وفي وضعه الراهن سيستمر في جذب انتباه العديد من الأطراف الفاعلة. وليس من المرجح أن تكون هذه الأزمة على وجه التحديد هي الأخيرة أو حتى الأكثر أهمية. لذا، على الولايات المتحدة أن تنتبه أولاً وقبل كل شيء للنتائج التي ترتبت على الأزمة وتعمل بفاعلية من خلال دبلوماسيتها على حل الصراع.

12:44 شبلي تلحمي:
ربما كان نتيجة انتباه الطرف الأمريكي لهذا أن جاء رد الفعل الأمريكي أكثر صمتًا بكثير من ردود أفعال الدول الأخرى على مستوى العالم. بيد أن هذا الموقف ينطوي على خطرٍ كبير يحيق بالولايات المتحدة. أولاً، بدأت إدارة أوباما عامها الأول بعد خطاب القاهرة الهام الذي ألقاه الرئيس أوباما والذي أعلن فيه عن نتيه في بداية علاقة جديدة مع المجتمعات العربية والإسلامية في جميع أنحاء العالم. بالتأكيد، وحتى قبل هذه الأزمة، هناك خيبة أمل كبيرة في المنطقة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالإخفاق الملحوظ في حل الصراع العربي الإسرائيلي. وقد جاءت هذه الأزمة لتلقيَ بمزيد من الضغط على إدارة أوباما في المجتمعات العربية والإسلامية على الصعيد العالمي وتعوق جدول أعمالها إلى حد كبير.

12:47 شبلي تلحمي:
ثانيًا، على الولايات المتحدة أن تنتبه بشكل خاص إلى تدهور العلاقات بين تركيا وإسرائيل. ففي حين أن كلا الطرفين لديه مصلحة في المحافظة على بعض العلاقات الجيدة (كان هناك تحالف طويل الأمد بين الإسرائيليين وتركيا يرجع إلى الأيام الأولى لنشأة إسرائيل، وقد استغل الأتراك العلاقات مع إسرائيل لإقامة علاقات أفضل مع الغرب، فضلاً عن قيامهم بدور الوساطة بين إسرائيل وسوريا)، أما الآن فهما في طريقهما إلى نقطة اللاعودة، وقد تواجه الولايات المتحدة تحديات كثيرة في الفترة المقبلة إذا بقي الوضع على ما هو عليه. تركيا هي حليف هام يؤدي دورًا مهمًا فيما يحدث في العراق، وفي السياسة تجاه إيران، وفي السياسة تجاه المجتمعات الإسلامية إجمالاً، وإذا كانت الولايات المتحدة تواجه خيارات دائمة بين إسرائيل وتركيا، فإن هذا سيفرض تحديًا استراتيجيا للسياسة الأمريكية الخارجية.

12:48 شبلي تلحمي:
هناك أيضا عامل دينامي هامًا لا يمكن تجاهله. فلقد شرعت إدارة أوباما في خوض تحول في سياسة أمريكا الخارجية من سياسة الأحادية إلى سياسة تعتمد بشكل أكبر على الإجماع الدولي والقانون الدولي والمنظمات الدولية. إلا أن الأزمة الأخيرة، في ظل رد الفعل الأمريكي الذي اختلف نوعًا ما عن كل ردود الأفعال الأخرى، تفرض قيودًا على هذه السياسة.

12:49 ديفيد مارك: ما هو تعليقك على الدور الذي لعبته مصر أثناء فرض الحصار على غزة خلال الثلاث سنوات الماضية؟

12:50 شبلي تلحمي:
مصر لديها علاقة متميزة مع كل من إسرائيل وغزة، وقد كانت هذه الفترة عصيبة جدًا بالنسبة لمصر، لاسيما بعد أن تولت حماس السيطرة على غزة.

12:51 شبلي تلحمي:
من ناحية أخرى، فإن الرأي العام المصري متعاطف بشكل كبير مع الفلسطينيين الذين يريدون المزيد من مصر، ليس فقط بتقديم مزيد من المعونات لغزة، ولكنهم ينادون أيضا بممارسة مزيدٍ من الضغط على إسرائيل، حتى أن البعض منهم ينادي بقطع العلاقات مع إسرائيل.

12:52 شبلي تلحمي:
تنظر الحكومة المصرية إلى علاقاتها مع إسرائيل ومعاهدة السلام بينهما على أنها ذات أهمية إستراتيجية كبيرة، وقد التزمت كل من إسرائيل ومصر بهذه الاتفاقية منذ توقيعها في عام 1979. وهذا يستلزم من المصريين أن ينتبهوا جيدًا لما يحدث على الحدود بينهم وبين إسرائيل وبينهم وبين غزة بما لا يخرق الاتفاقية المبرمة مع إسرائيل.

12:54 شبلي تلحمي:
إن مشكلة غزة هي أكبر مما نتصور من حيث وضعها الدولي. فمن ناحية، غزة ليست دولة فلسطينية مستقلة، وهي واقعة في واقع الأمر تحت احتلال إسرائيلي من الناحية القانونية. ومن ناحية أخرى، فقد انسحبت إسرائيل من غزة واقعيًا ولكنها مازالت تسيطر على الوصول الدولي للمنطقة وتسيطر على مجالها الجوي. وهذا الغموض النسبي كان مصدر متاعب للمحامين الدوليين الذين يحاولون تفسير ما تستطيع إسرائيل فعله وما لا تستطيع، وأيضًا بالنسبة لمصر من حيث الأمور التي تستلزم الالتزام ببنود معاهدة السلام مع إسرائيل.

12:56 شبلي تلحمي:
ولكن هناك ما هو أكثر مما هو عليه الحال بالنسبة لمصر. أولاً، ليس سرًا أن مصر ليست من محبي حماس أو – من وجهة النظر هذه – الأخوان المسلمين التي تنتمي إليها حماس، والتي تشكل مصدرًا رئيسيًا لمعارضة الحكومة المصرية. كما أن السياسات المصرية الداخلية ينتابها قلق إزاء نتيجة فتح الحدود مع غزة. ثانيًا، بعض المصريين قلقون إزاء هدف إسرائيل لدفع غزة مرة أخرى لتخضع لسيطرة مصر(فقد كانت مصر تسيطر على غزة بين عامي 1948 و 1967)، وهو الشيء الذي يرفضه المصريون تمامًـا. لذلك هناك قلق مصري غير معلن من أن فتح الحدود الكامل من قطاع غزة على الجانب المصري وغلقها على الجانب الإسرائيلي سوف يحولهم إلى أوصياء على قطاع غزة ويؤجل إقامة الدولة الفلسطينية.

12:58 شبلي تلحمي:
على الرغم من ذلك، فإن الرأي العام في الدول العربية والإسلامية يلقي باللوم على مصر لعدم فتحها الحدود، وهو أحد الأسباب التي جعلت مصر تعلن فتح الحدود مع غزة، كاستجابة لأزمة الأسطول. كما فرضت شعبية تركيا التي ظهرت في الأشهر الأخيرة، خاصةً في هذه الأزمة، تحديًا أمام مصر التي تعتبر نفسها زعيمة للعالم العربي. إنه من الصعب على الزعماء العرب أن يسمعوا هتافًا باسم رئيس الوزراء التركي في مظاهرات تجول في أرجاء العالم العربي. لذلك كان هذا تحديًا كبيرًا لمصر.

12:58 [تعليق من إيكو]: لماذا تتخذ تركيا موقفًا قاسيًا تجاه إسرائيل؟ وقد كانا حليفين جيدين فيما مضى.

1:01 شبلي تلحمي:
حافظت تركيا على التعاون العسكري مع إسرائيل، وعلى العلاقات السياسية معها، حتى خلال أشهر التوتر منذ حرب غزة. ويمكننا القول بأن حرب غزة كانت نقطة تحول كبيرة في الكثير من الرأي العام التركي المتعاطف مع الفلسطينيين، وقد اقترن ذلك بانتقاد رئيس الوزراء التركي لإسرائيل بطريقة أدت إلى ردود أفعال غاضبة وسلوك يبعث على الشك في بعض الأحيان من قبل وزارة الخارجية الإسرائيلية، الأمر الذي اعتبره الأتراك مهينًا. ولكن كما هو الحال دائمًا، هناك قصة أكبر تتجاوز الأزمات الحالية.

1:02 شبلي تلحمي:
لطالما سعت تركيا لتأدية دور أكبر في الشرق الأوسط. لاسيما بعد الحرب البارة والتي لعبت خلالها دورًا رئيسيًا في التحالف الغربي بعد التهديدات السوفيتية، ولاسيما بعد أن فشلت تركيا في الانضمام إلى الاتحاد الأوربي. كما سببت الحرب على العرق، والتي شهدت إضعاف دولة عربية، فراغًا في الشرق الأوسط مع شعور الكثير من العرب بعدم الارتياح إزاء قيام دولة إيران الشيعية والتمهيد لدور تركي محتمل في المنطقة.

1:04 شبلي تلحمي:
استغلت تركيا الانفتاح الجديد والظروف المهيأة في توجيه سياستها بصورة أقرب إلى الدول العربية والدول ذات الأغلبية المسلمة، وبالطبع نحو جيرانها المباشرين. وهذا في حد ذاته كان لابد وأن يؤثر إلى حدٍ ما – على الأقل – على إسرائيل. فضلاً عن هذا ، فقد ابتعدت تركيا عن الهيمنة العسكرية إلى الديمقراطية الانتخابية واستجابت كثيرًا في سياستها الخارجية إلى رأي عام أكثر انتقادا لإسرائيل.

1:06 شبلي تلحمي:
في النهاية هناك سبب وراء التعامل مع تركيا على محمل الجد وباعتبارها قوة ذات نفوذ عسكري واقتصادي، فيما يتجاوز حجمها، ألا وهو حقيقة أنها قادرة على تفعيل علاقتها مع إسرائيل وعلاقتها مع الغرب. إنها ليست إيران، وهذا هو أحد الأسباب في أنها ذات أهمية وتأثير. ولذلك لا أعتقد أن من مصلحة تركيا أن تدفع إلى نقطة اللاعودة، ومن الضروري، خاصةً بشأن سياسة أمريكا الخارجية، أن تجد طريقا للاستفادة من شعبية تركيا في المنطقة، والتي تُعتبر -على مستوى معين – أحد الأصول التي تمكّن تركيا من تأدية دور فاعل في التعامل مع الصراع العربي الإسرائيلي.

1:07 ديفيد مارك: لقد منع الجيش التركي الحكومة المدنية من أن تكون إسلامية في توجهاتها. هل تحول توازن القوى الداخلي في الحكومة التركية/الجيش التركي بعيدًا عن الرؤية الإسلامية العلمانية لأتاتورك في مطلع القرن العشرين؟

1:09 شبلي تلحمي:
من الواضح في الأشهر الأخيرة أن الدور التركي العسكري قد تضاءل في إدارة السياسة الخارجية التركية. فالحكومة التركية تتحرك في تعيين شعبها في بعض مناصب المؤسسات الأمنية. بهذا المعنى، فإن الحكومة المنتخبة تتمتع بسلطة أكبر على السياسة الخارجية من الحكومات السابقة. وتُعد قضية دور الإسلام في تركيا مسألة أكثر تعقيدًا بكثير.

1:10 شبلي تلحمي:
الحكومة الحالية، والتي تحظى بدعم إسلامي كبير، لم تتحدَّ الطبيعة العلمانية للدولة التركية، ولكن من الواضح أن تدخُّل الجيش في السياسة التركية قد تضاءل، وإن كان لم يختف. ومن الواضح أن التغير الذي حدث داخل الجيش التركي نفسه سؤال ليس له جواب. حيث كانت إحدى ركائز العلاقة بين إسرائيل وتركيا هي العلاقات العسكرية، وإلى هذا اليوم، هناك الكثير من مشروعات التعاون بين هاتين المؤسستين العسكريتين، بعضها على وشك الانتهاء. وسيكون من المثير رؤية نتيجة هذه الأزمة على المستقبل العسكري للعلاقات العسكرية بين إسرائيل وتركيا.

1:12 [تعليق من لندا]: هل لهذا الحدث آثار على المباحثات التي تتم داخل الأمم المتحدة حول العقوبات على إيران؟

1:13 شبلي تلحمي:
من الواضح أن القضية الإيرانية جاءت في وقتها، وربما تكون نتيجة تبعية على المدى الطويل.

1:14 شبلي تلحمي:
أغلب الظن أن ما يدور في الأمم المتحدة، من حيث المشاورات حول فرض عقوبات على إيران بشأن برنامجها النووي، لن يتأثر بشكل كبير بأزمة الأسطول، وذلك يرجع جزئيًا إلى أن الولايات المتحدة قد حشدت بالفعل دعم الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، ومن المرجح أن لا يتغير هذا الوضع.

1:14 شبلي تلحمي:
ومع ذلك، فإن العزلة التركية قد تشكل مشكلة بشأن القضية الإيرانية. وذلك راجع من أحد الجوانب إلى أن تركيا والبرازيل قد توسطتا في توفير ترتيب لإيران لنقل اليورانيوم منخفض التخصيب إلى الأراضي التركية في سياق تبادل دولي.

1:15 شبلي تلحمي:
وقد تم رفض هذا الاتفاق في واقع الحال. ويشعر الأتراك، مثلما يشعر البرازيليون، بالإحباط، وقد يزيد من إحباطهم صدور قرار مجلس الأمن بالأمم المتحدة.

1:17 شبلي تلحمي:
ومع ذلك أشك أن تتم ترجمة هذا إلى تغير كبير في طبيعة العلاقات الإيرانية التركية. فقد يؤدي بصورة ظاهرية إلى تقوية العلاقات، ولكن ليس من المرجح أن يصبحا حليفين. واحدة من الأشياء التي تجذب العرب إلى تركيا هي كونها تبدو كدولة غربية ديمقراطية وسنية في المقام الأول، والتي يمكنها إحداث توازن في الوقت الراهن أمام النفوذ الإيراني، لذلك فأنا أرى التأثير محدودًا.

1:19 [تعليق من إيمي]: من فضلك تحدث قليلا عن البطاقة الجديدة المثيرة للشكوك التي طرحتها إيران تلميحًا بأنها تخطط مهمة خاصة بها لرفع الحصار، وإنها ستحظى بدعم الحرس الثوري الإيراني. هل التصويت في الأمم المتحدة اليوم يرفع أم يقلل من شأن هذا التهديد؟ كيف يمكن أن تستجيب إسرائيل بحيث لا تقع في فخ آخر، وكيف يمكن للولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين أن يستجيبوا بشكل معقول؟

1:21 شبلي تلحمي:
من الواضح أن الإيرانيين يحبون عزلة إسرائيل وأن يكون هناك ضغط على الدبلوماسية الأمريكية لأن هذا يصرف بعض الأضواء بعيدًا عنهم. بالإضافة إلى ذلك، فقد كانت هناك محاولة من جانبهم، منذ الحرب مع العراق، لكسب الرأي العام العربي، لعلمهم بأن هناك غضبًا كبيًرا، ليس فقط إزاء إسرائيل وسياسة أمريكا الخارجية، ولكن أيضا إزاء التقاعس الواضح من جانب الحكومات العربية. وقد أشارت استطلاعات الرأي العام أنهم قد حققوا بعض النجاح في هذا الشأن. لذلك فهذه الأزمة تُعد فرصة ذهبية بشكل خاص لأن تركيا هي الفائزة بالرأي العام على المدى القصير، والتي بدونها تظاهروا بعلاقات وثيقة بينهم، لاسيما بشأن قضية الوساطة النووية.

1:22 شبلي تلحمي:
سيفعلون أي شيء في استطاعتهم لاستغلال الأزمة لصالحهم. ومع ذلك، أنا متشكك بعض الشيء في فكرة أنهم سيرسلون أية قوات عسكرية مثل الحرس الثوري ليصاحب السفن المدنية في محاولة لكسر حصار غزة.

1:24 شبلي تلحمي:
أظن أن معظم الناس على مستوى العالم سيرون هذا على إنه استفزاز، وإذا كان سيقود إلى مواجهة عسكرية، فمن المحتمل أن يخسروها. ولكن إذا تجاوزنا الرأي العام العالمي، فإن هذا سيكون خطيرًا للغاية بالنسبة لهم، ذلك أنه لا يمكن التنبؤ بالعواقب، وأيضًا لأن التصعيد قد يصبح أمرًا لا مفر منه. لذلك فأنا متشكك من أنهم سيرسلون أية سفن أو قوات حربية إلى شواطئ غزة.

1:24 [تعليق من أحد الضيوف]: هل يمكن تجنب أزمة أخرى مع الدبلوماسية الأمريكية؟

1:25 شبلي تلحمي:
من الواضح أن الولايات المتحدة لديها دور تلعبه، ربما يكون دورًا أكبر من كل الأدوار الأخرى، عندما يتعلق الأمر بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهو سبب محاولة إدارة أوباما البدء في تكثيف العمل الدبلوماسي.

1:27 شبلي تلحمي:
ونظرًا لمعرفتها بالعواقب، فقد قررت الإدارة أن غياب السلام العربي الإسرائيلي هو تهديد لمصالح الولايات المتحدة القومية، وقد أشار الرئيس أن التوصل إلى سلام عربي إسرائيلي يُعد مصلحة أمريكية حيوية. وقد أظهرت هذه الأزمة بوضوح لماذا يعتبر غياب السلام الفلسطيني تهديدا لمصالح أمريكا. من الواضح أن الوضع الراهن في غزة والضفة الغربية غير قابل للاستمرار وأن حل قيام دولتين، وهو هدف السياسة الأمريكية الخارجية وجزء كبير من المجتمع الدولي، قد فات وقته.

1:28 شبلي تلحمي:
إذا لم نحرز تقدما ملحوظًا في هذه القضية في الشهور المقبلة، أعتقد أننا لن نتمكن من تفادي حدوث أزمات. وقد يتصور البعض أن العنف يقود إلى تجدد الحرب بين حماس وإسرائيل، وأن حادث عرضي يشعل المواجهات الداخلية بين اليهود والمواطنين العرب في إسرائيل، وبالتأكيد هي أحداث قد تؤدي إلى تجدد الحرب بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، وكل ذلك من شأنه أن يؤدي على عواقب غير متوقعة وفرض مزيد من التحديات أمام العمل السياسي في الشرق الأوسط.

1:29 شبلي تلحمي:
لذلك فإن أفضل سياسة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط ليس سياسة إدارة أزمة واحدة، ولكن سياسة حسم الصراعات. ويظل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي منشور الألم الذي من خلاله ينظر العرب، والكثيرون حول العالم، إلى سياسة أمريكا الخارجية، لذا يجب التعامل مع هذا الصراع بعدوانية.

1:30 ديفيد مارك: نشكركم على انضمامكم إلينا اليوم.