Commentary

تعامل الأمم المتحدة مع الوضع في سوريا: حلقة أخرى مرعبة من الفشل؟

يواصل أعضاء مجلس الأمن الدولي خلافاتهم حول ما يجب القيام به في سوريا في حين أن البلاد تحترق. إنهم محبوسون داخل إطار من نقاش ساخن حول ما يجب القيام به للحفاظ على حياة المبعوث المشترك للجامعة العربية والأمم المتحدة وخطة كوفي أنان المكونة من ست نقاط ومهمة بعثة الأمم المتحدة للمراقبة في سوريا وكوفي أنان نفسه في واقع الأمر. كما تستمر روسيا والصين في مقاومة أي قرار بموجب الفصل السابع الذي سيكون له “عواقب” – حتى تلك العواقب الاقتصادية والمالية الضعيفة نسبيًا التي يجري اقتراحها – على أولئك الذين ما زالوا ينتهكون خطة أنان. ومما زاد الطين بلة، إطلاق المتظاهرين في سوريا على يوم الجمعة هذا اسم “جمعة إسقاط أنان، خادم الأسد وإيران”.

يا لها من حالة مؤسفة.

صرح أنان بأنه “مصدوم ومفزوع” من المذبحة الأخيرة في بلدة التريمسة، خارج حماة، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 200 مدنيًا من بينهم نساء وأطفال واستخدام نظام الأسد للأسلحة الثقيلة في المناطق المأهولة بالسكان. وتابع رئيس بعثة المراقبة التابعة للأمم المتحدة الجنرال روبرت مود على نفس المنوال حين أكد على “استخدام وحدات ميكانيكية وطائرات هليكوبتر” في القرية – على الرغم من بُعد المراقبين التابعين للبعثة مسافة 5-6 كيلو متر خارج القرية. وفي يوم الخميس، عاتب رئيس البعثة، الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في الغداء الشهري الخاص لمجلس الأمن أعضاء البعثة على عدم وحدتهم وحثهم على وضع إجراءات الفصل السابع موضع التنفيذ- وكان هذا قبل العلم بوقوع مذبحة بلدة التريمسة. واليوم أعرب عن شكوكه في التزام الأسد بخطة أنان المكونة من ست نقاط، ودعا إلى توقيع عواقب وخيمة على أولئك الذين لا يلتزمون بتنفيذها.

والحقيقة أن مجلس الأمن كان يجب عليه توضيح “العواقب” للأسد لاستخدامه “آلة القتل” منذ عدة أشهر. وكان ينبغي لأنان أن يلجأ إلى إستراتيجية أكثر عدوانية لإجباره على الامتثال لخطته في مارس لا بعد أربعة أشهر من بدء بعثته. وبدلاً من ذلك، على الرغم من أن آخر تقرير للأمم المتحدة يعطي انطباعًا بأن ما يجري معركة بين جانبين متساويين- النظام والثائرون – إلا أنهم بحاجة للجلوس والتحدث معًا على قدم المساواة. وقد أدى فشل مجلس الأمن في بذل المزيد من الجهد في وقت سابق إلى أن أصبح المجلس وجهود أنان غير ذي صلة بما يتكشف داخل سوريا.

وحتى الآن، تواصل روسيا والصين- إلى جانب الهند وباكستان وجنوب أفريقيا أيضًا –الجهود لمقاومة فرض أية مساءلة على سوريا. أما موسكو، التي أطلقت على المجزرة الأخيرة وصف “الفظاعة الدموية” ولكنها لم تشر بأصابع الاتهام إلى النظام، تواجه لحظة الحقيقة. فهي تعرف أنها إذا لم تكن على استعداد لدعم الإجراءات القوية لمجلس الأمن الآن، فقد لا يوافق الأعضاء الغربيين الذين لهم حق الفيتو على استمرار بعثة الأمم المتحدة، التي تؤيدها بقوة. وقد تكون زيارة أنان لموسكو يوم الاثنين الفرصة الأخيرة بالنسبة له لإقناع الروس والاستمرار في منصبه، في الوقت الراهن على الأقل.

إن التاريخ لن يرحم هذه الحلقة الأخيرة من تراخي قوى العالم في التعامل مع الوضع في سوريا. فلعدة أشهر، لم تنجح إلا في شراء الوقت عن طريق التسوية على جهود كوفي أنان، وحتى هذه الجهود قد باءت بالفشل. وفي الأيام المقبلة، سوف تستمر التطورات على أرض الواقع لوضع جدول الأعمال في سوريا. ويجب أن يكون ذبح المدنيين والاغتصاب والتعذيب والترحيل القسري للسكان، الذي يوصف بأنه تطهير عرقي، فضلا عن مخاطر واضحة لجيران سوريا كنتيجة مباشرة للصراع، بمثابة النداءات الواضحة لاتخاذ موقف الدولي. ويتمثل الأمر الأكثر إثارة للقلق في أن الأساليب المستخدمة لارتكاب المجازر الأخيرة في حولا والقبير والتريمسة مماثلة بشكل مخيف لتلك التي ارتكبها الأسد الأب، حافظ الأسد، في مجازر حماة في عام 1982. وهناك مخاوف من الأسوأ في طريقه إلى سوريا، وخصوصًا ونحن على أبواب شهر رمضان المبارك.

بالنسبة للأمم المتحدة، تشكل سوريا حلقة أخرى مخيفة من الفشل وانعدام الكفاءة. ويجب أن نضيف الآن سوريا إلى رواندا والبوسنة. إنه عبارة عن إخفاق جماعي، أولا وقبل كل شيء للدول الأعضاء في الأمم المتحدة الذين “قالوا لن يحدث هذا مرة أخرى أبدا” والذين وافقوا في عام 2005 بالإجماع على مبدأ “مسؤولية حماية” السكان من الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية”. كما أيدت تلك القمة دور المجتمع الدولي في “اتخاذ إجراء جماعي”، في الوقت المناسب وبطريقة حاسمة، من خلال مجلس الأمن ووفقًا لميثاق الأمم المتحدة بما في ذلك الفصل السابع على أساس كل حالة على حدة وبالتعاون مع المنظمات الإقليمية ذات الصلة حسب الاقتضاء، إذا كانت الوسائل السلمية غير كافية وفشلت السلطات الوطنية بشكل واضح في حماية سكانها من الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية”.

وبعد مرور سبع سنوات فقط، إذا كان مجلس الأمن غير قادر على الوقوف فورًا في وجه الشر الذي نشهده اليوم في سوريا، فإن العديد سيقررون أن الوقت قد حان لتجاوز ذلك المجلس والأمم المتحدة. وفي الأسبوع المقبل، سوف يصدر الأمين العام للأمم تقريره التالي عن تنفيذ “مسؤولية الحماية” – ومن المثير للاهتمام أن سيكون حول دور المجتمع الدولي. وهذه فرصة مناسبة لهذا الأمين العام لأن يصنع له دورًا ويستخدم منبره ليحث المجتمع الدولي بشكل جماعي لمواجهة التحديات في سوريا. وصرح اليوم بأنه يجب أن يكون “الضغط موحدًا ومتواصلاً وفعالاً الآن”. ونأمل أن يستمع أعضاء مجلس الأمن الدولي إليه.