Commentary

تبعات الربيع العربي الرقمي

يرى إبراهيم أبو شريف، أستاذ الصحافة في جامعة نورث ويسترن في قطر، أنّ معنى مصطلح “الربيع العربي” على مدى السنوات الثلاثة الماضية أخذ دلالةً إيجابيةً لدرجة أنّ وسائل الإعلام الغربية قد قبلت المصطلح بشكل عام للإشارة إلى الأحداث الرئيسية الأخيرة في المنطقة. كما أنه يلاحظ أن هذا المصطلح ازدهر بسرعة وبشكل ملحوظ جداً في تغطية وسائل الإعلام العالمية للثورات الأولى في المنطقة، وضمّ الثورات المضادة والانقلابات والاغتيالات والحرب الأهلية الشرسة منذ الشرارة الأولى.

رغم أنّ الجانب الرقمي للربيع العربي قد حظي بانتباه أقل بكثير، إلا أنه جدير بالاعتراف على نحو مماثل بسبب تأثيراته الطويلة الأمد. وهذه هي التطورات السريعة في انتشار تقنيات وخدمات التواصل الرقمي التي تختبرها كلّ دولةٍ من دول الشرق الأوسط العربي، بغض النظر عن كمّ الاضطراب السياسي وعدم الاستقرار الحاصل في أي منطقة كانت.

تنقل البيانات الصورة مع القليل من نقاط مرجعية سريعة:

– أربعون بالمئة من الهواتف المحمولة في المنطقة هي هواتف ذكية.

– يمتلك ثلاثة من أصل أربعة أشخاص تقريباً في الإمارات العربية المتحدة هاتفاً ذكياً – وهي أعلى نسبة في العالم (وتأتي كوريا الجنوبية في المرتبة الثانية.

– تسجّل المملكة العربية السعودية أعلى نسبة استخدام لتويتر بالمقارنة مع أي مكان آخر في العالم (نحو ثلث سكانها بالمقارنة مع 11 بالمئة فقط في الولايات المتحدة). كما أن السعوديين يطلقون نحو 47 بالمئة من معدل التغريدات في العالم العربي، أي أربعة أضعاف التغريدات التي يتم إطلاقها في مصر حيث يشير الرأي العام أن حجم التغريدات التي انفجرت بين الناشطين السياسيين الهادفين إلى الإطاحة بالرئيس حسني مبارك شكل الوقود لثورة عام 2011.

– تشهد اللغة العربية نمواً مستمراً في نسبة التغريدات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. تبلغ نسبة التغريدات التي تُطلق باللغة العربية نحو 75 بالمئة من مجموع التغريدات.

– يتمّ تحميل ساعتين من الأشرطة المصورة على موقع يوتيوب كلّ دقيقة في مختلف أنحاء منطقة الشرق الأوسط.

– تُعتبر المملكة العربية السعودية على رأس الدول التي تشاهد موقع اليوتيوب – إذ يبلغ عدد المشاهدين نحو 90 مليون مشاهد يومياً؛ وعموماً تُعتبر المنطقة أعلى من أوروبا وآسيا وتأتي مباشرة بعد أمريكا الشمالية، كالمنطقة التي تضم أكير عددٍ من مشاهدي موقع اليوتيوب.

بالنظر إلى المستقبل، بحلول العام المقبل، سيصل عدد متصفحي الشبكة العنكبوتية في العالم العربي إلى 400 مليون شخص، وهو رقم يتخطى سكان أوروبا والولايات المتحدة. مع النمو الديموغرافي لفئة الشباب، ومعظمهم تقريباً يستخدم الأجهزة الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي بانتظام، ستتوفر فرص كثيرة جداً للتفاعل مع هذه القاعدة الضخمة، مما سيعرض المنطقة لمصدر أوسع من الأخبار والمعلومات، مصدرٍ لا يخضع لمراقبة الحكومة المركزية. بالطبع، ستستمر القيود على المحتوى مدفوعةً إلى حدٍ كبير بالولاء لتيارات إسلامية وثقافية محلية متعددة من . إلا أن القدرة على انتقاء الأخبار والمعلومات الآتية من خارج المنطقة ستواجه قيوداً أعظم مع تحول المواطنين إلى مواطنين رقميين في بقعةٍ جغرافية أوسع بكثير، لا سيما وأنها بقعة يتشارك سكانها لغة أخرى غير اللغة الإنكليزية.

قد يساعد ذلك على إثارة خلافٍ أكبر مع بدء الفصائل المتنافسة بالتشديد على الاتجاهات الرقمية لجمع المزيد من القوة. بدلاً من ذلك، قد يساعد ذلك على إنشاء جسور أكثر استدامة بين الناس داخل الدول وعبر المنطقة، مما يساعد على مواجهة الأنظمة المتسلطة. في مطلق الأحوال، يتعين على أولئك المنخرطين في جبهة السياسة الخارجية أن يستمروا في ملاحقة أرقام الانتشار الرقمي عن قرب. من الواضح أن نجاح الربيع العربي أو فشله سيتأثر– وربما سيتحدد – بقوة بظاهرة أخرى وهي الربيع العربي الرقمي.