Commentary

ثلاثة طرق لتحسين أمن طرق الطاقة المحفوفة بالمخاطر في الشرق الأوسط

قال نائب القائد العام للحرس الثوري الايراني العميد حسين سلامي يوم الأربعاء الماضي: “إذا أراد الأمريكيون وحلفاؤهم المحليون أن يمروا عبر مضيق هرمز وهم يهددوننا، لن نسمح لهم بالعبور”. لإيران تاريخ طويل من التهديدات ضد هذا الممر المائي الذي يعبره نحو 17 مليون برميل من صادرات النفط يومياً، إلا أنها لم تنفّذ أياً من هذه التهديدات. بيد أنّ العديد من التهديدات الأمنية الإقليمية تلقي الضوء على التهديدات التي تحيط بعبور الطاقة من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وعبرها وتستدعي تفكيراً جديداً من أجل إيجاد حلول فعالة.

نقاط الضعف

يجذب مضيق هرمز الانتباه بسبب ضعفه الواضح. إلا أنّ عبور الطاقة في جميع أنحاء المنطقة قد واجه في السنوات الأخيرة تعطيلات شديدة: حصار الموانئ في ليبيا، وتخريب خطوط أنابيب النفط في سيناء واليمن وإقليم بلوشستان في باكستان، وكذلك في جنوب شرق تركيا. زد على ذلك الهجمات على منشآت النفط والغاز في جميع أنحاء سوريا والعراق وأعمال القرصنة قبالة السواحل الصومالية. يواجه أمن الطاقة تهديدات على جميع المستويات، بدءاً من تعطيلات وإضرابات محلية ووصولاً إلى مواجهات عسكرية إقليمية كبرى.

مما لا شك فيه أن أفضل طريقة للتخفيف من هذه الثغرات التي تواجه أمن الطاقة هي من خلال معالجة الأسباب الجذرية للصراع في المنطقة. ولكن في الوقت الذي تستمرّ فيه التعطيلات وأعمال العنف، يتعين على موردي الطاقة والمستهلكين الاحتماء من اللامبالاة.

قد يبدو أن فائضاً في إمدادات النفط والغاز عالمياً – مع أسعار منخفضة، واكتفاء ذاتي أمريكي متزايد، وإبرام الاتفاق النووي الإيراني – قد خفف من حالة الطوارئ: فبالكاد استجابت الأسواق للفورات الأخيرة. إلا أن الاقتصاديات الكبرى – وحتى الولايات المتحدة الأمريكية – لا تزال تعتمد، بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، على إمدادات الطاقة التي تؤمنها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وصل احتياطي القدرة الإنتاجية من النفط إلى أقل مستوياته بشكل غير عادي حتى بات التوازن ضعيفاً حتى أمام تعطيل متوسط الحجم.

ركزت أغلبية المخاوف على صادرات النفط، نظراً لأهميتها في الاقتصاد العالمي. إلا أن أمن شحنات الغاز الطبيعي خطرٌ لم يقدر حقّ قدره، لا سيما بالنسبة لدول كاليابان وكوريا الجنوبية اللتين تعتمدان كثيراً على الغاز الطبيعي المسال. ومن شأن أي تعطيل أن ينتج عنه عواقب وخيمة على دولٍ في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من خلال حرمانها ليس من الإيرادات فحسب، إنما أيضاً من واردات هامة.

طرق معالجة الأمر

ثمة ثلاث مجموعات واسعة من النهج للتخفيف من خطر تعطيلات عبور الطاقة: البنية التحتية والمؤسسات والسوق.

البنية التحتية: تضم بناء أنابيب جانبية بعيداً عن نقاط الاختناق الرئيسية ومناطق التخزين الاستراتيجي.

تضم خطوط الأنابيب الجانبية العاملة حالياً خط أنابيب SUMED الذي يصل البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط (والذي يتجنب قناة السويس)؛ خط أنابيب حبشان – الفجيرة في الإمارات العربية المتحدة (الذي يتجنب قناة هرمز)؛ وخط الأنابيب السعودي بترولاين، الذي يمر إلى البحر الأحمر مؤمناً بديلاً للخليج وقناة هرمز. تضم المشاريع المقترحة نقطة اتصال تربط بين بقية دول مجلس التعاون الخليجي ومحطة النفط التي سيتم بناؤها في الدقم في سلطنة عمان على المحيط الهندي؛ خطوط أنابيب جديدة أو سيتم إعادة تأهيلها التي تبدأ من العراق وتمر عبر الأردن وتركيا؛ مشروع توسيع خطوط بترولاين؛ ومحطة جديدة في مقاطعة جاسك، جنوبي إيران.

يمكن أن تُناط إدارة مناطق التخزين الاستراتيجي إلى الجهات المصدّرة أو الجهات المورّدة أو كلاهما معاً (فتحتفظ الجهات المصدّرة بالنفط على مقربةٍ من أراضي عملائها، كما هو الحال بين المملكة العربية السعودية واليابان، وبين أبو ظبي واليابان والهند).

النهج المؤسساتية: تضم آليات للتعامل مع التعطيلات، كترتيبات المشاركة التعاونية.

ركزت التحاليل على البنية التحتية أكثر مما ركزت على التخفيف المؤسساتي والمتعلق بالسوق. ولكن لا بدّ أن تتضافر هذه النهج وتعمل معاً. فالبنية التحتية وحدها لا تكفي، لا بدّ من دمجها ضمن إطار عمل مناسب من الأنظمة والقوانين والدبلوماسية. تتطلب خطوط الأنابيب العابرة للحدود والمتعددة الجوانب اتفاقيات حول التعاون الدولي؛ فالتخزين الاستراتيجي يبدو أكثر فعالية حين تكون قوانين استخدامه واضحة، وحين يتفق مالكو مناطق التخزين على عدم تخزين القليل من الإمدادت.

هناك مكسب استراتيجي للدمج الفعال بين البنية التحتية والمؤسسات حتى وإن لم يُستخدم على الإطلاق. من خلال جعل مصدّري النفط ومستهلكيه أقل عرضة للتهديدات، فإنه قد يخفف أيضاً من إمكانية وقوع هذه التهديدات.

قد تكون التحالفات مفيدة لضمان الأمن والتعاون المتبادلين، إلا أنها تطرح السؤال الصعب: ضد من ستكون هذه التحالفات موجهة؟ من الممكن أن تشكل التحالفات المتبادلة العدائية خطراً على أمن الطاقة الإقليمي بدلاً من أن تكون الضامن لهذا الأمن. يمكن أن يضطلع كلّ من وكالة الطاقة الدولية ومجلس التعاون الخليجي ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) بأدوار، إلا أن أياً منها لم تحظى بمكانة جيدة. عوضاً عن إنشاء منظمة جديدة، قد يكون التوصل إلى تفاهم بين الهيئات الموجودة أكثر فعالية.

الأسواق، عموماً، تتعامل الأسواق بشكلٍ جيد مع مهمة توزيع الإمدادات الشحيحة. من شأن جمع بيانات أفضل وأدق، كتلك التي يجمعها منتدى الطاقة الدولي، أن تحسّن عمل الأسواق بشكلٍ كبير. تؤدي الحكومات دوراً في حماية المستهلكين الأكثر ضعفاً وفي ضمان طاقة كافية للخدمات المهمة، إلا أن الرقابة على الأسعار والتقنين وحظر الصادرات لطالما كان لها نتائج عكسية، والعديد من أسوء نتائج ما يُسمى بأزمات الطاقة قد نتجت عن تدخل حكومي حسن النية في عملية تسوية السوق العادية.

ولكن بشكلٍ عام يصعب أو يستحيل على دولةٍ أو شركة واحدة أن تستفيد من جميع مكاسب بناء بنية تحتية استراتيجية – التي لا يُعتبر وجودها ضرورياً، مع خط أنابيب جانبي، إلا لعدة أشهر على مدى بضعة عقود. قد يساعد التمويل الدولي، المدعوم ربما من بلد مستورد للنفط رئيسي– كالصين على الأرجح– في دعم مشاريع مماثلة، لا سيما خلال فترة التقشف المالي التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.

غالباً ما تجد البلدان المصدّرة للطاقة ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مصالحها متباينة. إلا أن أمن الطاقة ليس إلا أحد المجالات لتعاون مثمر – أقلّه بين مجموعات من الدول، وبعض الجهات الفاعلة الخارجية، خصوصاً عملائهم الآسيويين الذين تزداد أهميتهم أكثر فأكثر. فإذا كان حلّ التوترات والصراعات الإقليمية أمراً صعباً، من شأن خطوة مماثلة أن تخفف على الأقل من حدة أحد أخطر التهديدات الناتجة عن الاضطرابات في المنطقة.