Commentary

لكسب ثقة العرب بشأن إيران، يتعين على واشنطن توسيع إطار الاتفاق النهائي

لا يتعلق الأمر بالنسبة للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بالبرنامج الإيراني النووي. تحكم هاتان الدولتان على الاتفاق المؤقت استناداً إلى ما إذا كان سيقوي من مكانة إيران إقليمياً – وهو أمرٌ أكيد تقريباً. يعتقد المسؤولون في هاتين الدولتين أن كلّ ما قد يفيد إيران يأتي بشكلٍ أو بآخر على حساب دولهم. إنهم يظنون (خلافاً لما تظنه الولايات المتحدة) أن هذا الاتفاق ليس إلا لعبة محصلتها النهائية صفر، وبهذا عرّفوا عنه بالاتفاق السيء.

منذ عامين فقط، كان المحللون يشيرون إلى تراجع إيران التي وجدت نفسها معزولة بشكلٍ كبير. رغم ادعائه بأن العكس هو الصحيح، فشل النظام الإيراني في الاستفادة من الربيع العربي؛ فقد كان دعمه لنظام الأسد الوحشي عادياً كما رأى الجميع. في مطلق الأحوال، يبدو أن أيام الأسد باتت معدودة استناداً إلى ما كان المسؤولون الغربيون يحبذون قوله. استعادت إيران عافيتها في شكلٍ جيد. ويستمر هذا الاتفاق المؤقت – الذي تم التوصل إليه سريعاً بعد فوز حسن روحاني المفاجئ – في لململة الضرر وتقوية حالة الاقتصاد الإيراني وإعادة تأهيل البلاد في أعين المجتمع الدولي.

يذكرنا ذلك بسوريا وقد يذهب من حيث التصور في اتجاه واحدِ من بين اتجاهين. قد يقول المتفائل أن دعم إيران القوي لنظام الأسد إنما هو نتيجة عزلتها. وإذ لا تملك إلا القليل لتخسره، فهي تلتزم مع حلفائها الذين لا يتعدى عددهم الحليفين أو الثلاثة، ومن ضمنهم سوريا. من المحتمل أن هذا الاتفاق يحمل في طياته ما يواجه بعضاً من حالة انعدام الأمن وأن إيران بدأت تؤدي دوراً أقل تدميراً في الصراع السوري. أعتقد أن هذا الأمر معقول ولكن على المدى الطويل فقط – وذلك بعد تأمين اتفاق شامل. حتى الآن، لا تنوي إيران الابتعاد فعلياً عن الأسد. قد يكون ذلك سابقاً لأوانه – إذ إن فشل المفاوضات وتشتت الاتفاق المؤقت أمرٌ وارد.

في غضون ذلك، يبدو أن رغبة الولايات المتحدة قد تضاءلت – إن لم نقل اختفت بالمقارنة مع ما كانت عليه سابقاً – في ممارسة أي ضغطٍ جدي على إيران بسبب دعمها لنظام الأسد. لا يتمحور التركيز الأمريكي في الوقت الراهن على ذلك ومن المرجح أن تعمد إلى وضع كلّ ما قد يعقد المفاوضات المقبلة جانباً. سبق وأن سُمح للأسد بالقيام بما يراه مناسباً في اتفاق سبتمبر حول الأسلحة الكيميائية الأمريكية – الروسية. أما الآن فقد أضحى شريكاً، أكثر من كونه عدواً، حتى وإن عنى ذلك النظر إلى الأمور من منظار آخر في الوقت الذي يكافح المتمردون للردّ على هجمات الأسد العسكرية.

قد يتفهم المرء أن الاتفاق المؤقت مع إيران، الذي كان معقداً بما فيه الكفاية، لم يتطرق كثيراً إلى سوريا. ولكن لا بدّ أن يكون أي اتفاق نهائي وشامل شاملاً بالفعل. ولكن إدارة أوباما لم تقم بعملٍ جيد حين تبنت نهجاً ينظر إلى صراعات المنطقة المختلفة ظاهرياً ليس فقط كصراعات متداخلة بل متشابكة. إن من شأن ذلك أن يتطلب استراتيجية إقليمية متماسكة بدلاً من النهج الغريب الذين فضلوه حتى الآن.

في نهاية المطاف، يخشى المشككون بالفعل أن أولويتي الإدارة – طموح إيران النووي وعملية السلام الإسرائيلية – الفلسطينية – تشكل أولويات لسبب معين. إن التوصل إلى حل المشكلة الإيرانية بأشكالها كافةً يدفع الولايات المتحدة إلى القلق إزاء تهديد أمني وطني أساسي. في حال أردنا أن نكون أقل اهتماماً بالشرق الأوسط وأن نعيد التركيز على مناطق مهملة أخرى، فمن المحتمل أن يكون ذلك خطوة أولى صارمة. بالطبع، هذا هو بالتحديد ما يثير قلق دول الخليج وكذلك إسرائيل.