Commentary

Op-ed

مناقشة الحرب على المرأة

إن مصر على أعتاب أول تجربة حقيقية لها في الحكم الإسلامي. فإذا فاز محمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين في جولة الإعادة القادمة للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 16 و17 يونيو، فستكون الحركة الإسلامية الجليلة قد سيطرت على كل من رئاسة مصر وبرلمانها وسيكون لديها فرصة حقيقية لتنفيذ أجندتها التي تتمثل في انتعاش اقتصادي يحركه السوق والتدرج في إقامة نظام إسلامي وإعادة تأكيد دور مصر الإقليمي.

وأثناء المخاض العسير لانتقال السلطة في مصر، أصبح الإخوان أكثر إصرار على غير المعتاد في نهجهم السياسي. ولقد فسر البعض محاولة الإخوان “إنقاذ الثورة” بعد النكوص عن الوعود بعدم الترشح للرئاسة وعدم الدخول في مواجهة صريحة مع المجلس العسكري الحاكم على أنها محاولة من الإخوان لانتزاع السلطة بكل قوتهم. ويشعر الليبراليون في مصر وكذلك الولايات المتحدة الآن بالقلق إزاء تداعيات حكم الإخوان المطلق وماذا يمكن أن يعني ذلك بالنسبة لمصالحهم.

وإن الأمور لم يمكن أن تكون أكثر صعوبة من ذلك منذ عامين. ففي ظل القمع الذي كان يمارسه نظام حسني مبارك، كان شعار الإخوان غير الرسمي “المشاركة وليس المغالبة”. وكانت الجماعة معروفة بالحذر والصبر (بل والصبر الشديد من وجهة نظر البعض) في نهجها السياسي. فعندما جلست مع مرسي في مايو 2010 قبل أشهر من الثورة بل وقبل أن يمكنه أن يتخيل أن يكون خليفة لمبارك، ردد إيمان القيادة الشديد بالتغيير الهادئ والمطرد في نفس الوقت. بل إنه اعترض على وصف الأنشطة السياسية للحركة بالمعارضة قائلا: “تحمل كلمة ‘معارضة’ دلالة السعي للوصول إلى السلطة”. “ولكننا في هذه اللحظة لا نسعى للوصول إلى السلطة لأن ذلك يقتضي استعداد المجتمع لذلك، والمجتمع غير مستعد لذلك”. ولقد تميز الإخوان المسلمون نظرا لكونهم حركة دينية أكثر منها حزب سياسي بطول الأجل.  

إن مرسي لم يكن معروفا في ذلك الحين. فرغم أنه كان عضوا مهما في جماعة الإخوان، إلا أنه لا يبدو أنه كان له مجموعة مميزة من الرؤى. ولكنه كان مخلصا ومنجزا وفعالا. فلقد تميز بهذه الأشياء وإن اختلف البعض في ذلك. ولكن بالنسبة لكونه أو صيرورته زعيما، فهذا أمر آخر. فعلى الرغم من رئاسة الكتلة البرلمانية للإخوان ورئاسة حزب الحرية والعدالة الذي أسس مؤخرا وهو الجناح السياسي للجماعة، إلا أن مرسي سعى لنيل احترام جميع التوجهات الفكرية في البلاد. فنادرا ما تحدث بحديث من يرغب في تقديم تنازلات أو من يسعى السعي اللازم للتوصل إلى توافق عليه.

وهو يشعر إزاء الليبراليين في مصر شأنه في ذلك شأن الكثير من زعماء الإخوان بدرجة من الاستياء. فهو يرى أنهم صغار الحجم وقليلي الأهمية، فلماذا يطلبون الكثير دائما؟ وفي مايو 2010، بدا أن المعارضة قد نشطت نشاطا شديدا ولكن على غرار مصري فريد. وفي إحدى الاحتجاجات في ميدان التحرير، احتشد كل فصيل سواء من الإسلاميين أو الليبراليين أو اليساريين في الجزء الخاص به من الميدان. فسألت مرسي لماذا لم يكن هناك تعاون أكبر بين الإسلاميين والليبراليين، فقال “إن ذلك يتوقف على الجانب الآخر”، مرددا ما كان الليبراليون يقولونه عن الإخوان.

ربما أمكن إخفاء هذا الازدراء المقنع عندما كان الليبراليون واليساريون والإخوان المسلمون يواجهون ديكتاتورا كانوا جميعا يكرهونه. فأثناء الثورة، وضع الإخوان والسلفيون والليبراليون والمصريون العاديون أيديهم في أيدي بعض ونحوا انقساماتهم القديمة جانبا وإن كان ذلك لمجرد لحظات. ولكن عندما سقط مبارك، لم يعد هناك ما يمكن أن يؤلف بينهم.

ويشارك المجتمع الدولي لاسيما الولايات المتحدة الليبراليين شعورهم بالخوف من الهيمنة الإسلامية ولكن لكل أسبابه المختلفة تماما عن أسباب الآخر. فلقد كان الإخوان تاريخيا من أكبر مروجي المشاعر المناهضة لأمريكا وإسرائيل. وفي حين أن لهجة بعض زعماء الإخوان لاسيما كبير الإستراتيجيين خيرت الشاطر أقل حدة في إداناتهم وأقل تعمدا في ابتكار نظريات المؤامرة من وجهة نظرهم في المواقف غير المعلنة، لم يكن مرسي كذلك. ففي حديث له معي، تطوع بالإعراب عن رؤاه الخاصة بهجمات 11 سبتمبر الإرهابية بدون أي تلقين. فقال: “عندما تأتي وتخبرني أن الطائرة قد اصطدمت بالبرج مثل السكين في الزبد، فإنك تستخف بنا. كيف اخترقت الطائرة فولاذا كهذا؟ لابد وأن شيئا ما قد حدث من الداخل. فهذا مستحيل”.

ووفقا لاستطلاعات رأي مختلفة، يرى معظم المصريين بما في ذلك اليساريين والليبراليين هذه الرؤى أيضا ولكن ذلك لا يقلل من الشعور بالقلق الذي تسببه هذه الرؤى. ولذلك، ربما كان من المفارقات أن مرسي هو أطول كبار مسؤولي الإخوان إقامة في الولايات المتحدة. فهو خريج جامعة كاليفورنيا الجنوبية ومن المثير أنه أب لمواطنين أمريكيين – مما يدل على أن الألفة أحيانا تولد الازدراء. وفي مؤتمر صحفي أخير، تناول مرسي فترة إقامته بالخارج فرسم صورة لمجتمع يعيش في انحلال أخلاقي وألقى الضوء على التفكك الأسري والأمهات الشابات في المستشفيات اللاتي لابد أن “يكتبن الأطفال باسم الأب” والأصدقاء الذين يعيشون معا بدون زواج. وقال إننا ليس لدينا هذه المشكلات في مصر، وارتفع صوته بنبرة اختلط فيها الفخر بالاستياء.

اقرأ المقال بالكامل على الموقع التالي: foreignpolicy.com