Commentary

Op-ed

جون كيري يواجه تحديات كبيرة

كما كان متوقًعا، تم ترشيح جون كيري، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية ماستشوستس والمرشح الديمقراطي السابق للرئاسة عام 2004، من قبل الرئيس أوباما ليحل محل هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية في فترة حكم أوباما الثانية.

يحظى كيري بشعبية في مجلس الشيوخ على أساس حزبي. التصديق عليه يطرح بعض القضايا، ولاسيما أنه قد اجتاز بالفعل عملية اختبار شديدة في سباق رئاسة قوي وشديد المنافسة.

مثل كلينتون، يتصف كيري بالاجتهاد والعمل الدؤوب والصبر والواقعية. وإن كان لا يتمتع بالضرورة بعلاقة شخصية قريبة من الرئيس أوباما في بداية عمله في حكومته. تمرس كيري من كثرة الإحباطات نتيجة التعامل في قضايا السياسة الخارجية المستعصية لسنوات عديدة، ومع ذلك ظل مثاليًا وصاحب رؤية في قضايا تبدأ من التغير المناخي والسلام في الشرق الأوسط وحتى التنمية العالمية.

بمجرد التصديق على كيري، سيكون عليه مساعدة الرئيس الخوض في بعض القضايا الصعبة جدًا خلال السنوات الأربع المقبلة. قد تكون هذه القضايا أكثر صرامة من تلك التي كان على الرئيس مواجهتها في سنواته الأربع الأولى.

في فترة رئاسة أوباما الأولى، كانت هناك قرارات كبرى تحتاج للتأكيد، وتعاملت الإدارة مع معظمها بطريقة جيدة على نحو معقول. ورغم أن الحرب في أفغانستان كانت مُحبِطة، أظهر أوباما تماسكًا في زيادة القوات الأمريكية المقاتلة ثلاثة أضعاف هناك لبعض الوقت، كما وسَّع المساعدات إلى باكستان المجاورة لها (من خلال قانون شارك في رعايته كيري في مجلس الشيوخ). على الرغم من فشل أوباما في التفاوض على وسيلة لإبقاء القوات الأمريكية في العراق لفترة أطول قليلاً كما كان يرغب، ظل الرئيس وفريقه حذرًا في كيفية تنفيذ خروج القوات الأميركية من هذا الصراع المثير للجدل.

في الوقت نفسه تحسنت العلاقات

– على الأقل إلى حد ما – مع روسيا، وهو تطور سارّ. وبالتالي، توترت العلاقات إلى حد ما مع الصين، وهو تطور ضروري في ظل هذه الظروف. كما تم التعامل مع السياسات التي أدت إلى مقتل أسامة بن لادن ومعمر القذافي في ليبيا بشكل جيد.
لكن قد تلوح في الأفق خيارات أصعب قريبًا، مما يدفع بالرئيس وكيري إلى مواجهة دبلوماسية معقدة:

• تمثل سوريا الآن صراعًا أكثر فتكًا بكثير من ليبيا ويستعصي حله، وليس من الواضح أنه يمكننا الاستمرار في عدم التعامل مع هذه الفوضى، نظرًا لأهميتها في الشرق الأوسط الكبير. ولن ينجح نموذج التدخل الذي حدث في ليبيا مع هذا البلد الذي يمثل قوة سكانية أكبر بكثير.

• كان الموقف الأكثر صرامة قليلاً في التعامل مع الصين من خلال ما يسمى “إعادة توازن” آسيا هو السياسة الصحيحة في فترة ولاية أوباما الأولى، حيث أصبحت بكين أكثر جرأة. ولكن الآن هو الوقت المناسب للتأكد من ألا يؤدي هذا المنهج الأمريكي الأكثر حزمًا إلى حرب باردة أخرى.

•الآن بعد أن عاد فلاديمير بوتين إلى قصر الكرملين، سيكون إيجاد طريقة للعمل معه مرة أخرى أصعب بكثير من نجاح أوباما قبل ذلك في إصلاح العلاقات الأميركية الروسية مع الرئيس ديمتري ميدفيديف.

•في العراق، يمكننا تحمل الانسحاب (حتى لو كان من الأفضل أن بقينا بقوة متواضعة) لأن العراقيين قد شكلوا الآن دولة قوية. ولكن في أفغانستان، ربما نحن بحاجة لإيجاد وسيلة للبقاء، لأنه من المشكوك فيه أن تتمكن دولة أفغانستان الضعيفة من البقاء اعتمادًا على نفسها.

• عندما نأتي للميزانية، كان الأمر سهلاً بالنسبة للسابقين أمثال كولن باول وكوندوليزا رايس وهيلاري كلينتون. فقد ترأسوا الدبلوماسية وميزانيات التنمية عندما كان الإنفاق الفيدرالي في ازدياد. أما كيري فسيتعين عليه حماية القدرات الأساسية مع تخفيض ميزانياته.

•الأهم من ذلك كله، تلوح حرب محتملة في الأفق مع إيران. قد يكون مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية (بمشاركة إسرائيلية أو بدونها) قرارًا أكثر أهمية بكثير من زيادة القوات المقاتلة إلى ثلاثة أضعاف في أفغانستان، أو الإذن بشن غارة ضد بن لادن، أو استخدام القوة ضد القذافي في ليبيا، أو الانسحاب من العراق.

سوف يكون كيري، المحارب القديم في فيتنام الذي يتمتع بالقوة ولكنه يدرك أيضًا ويلات الحرب، مستشارًا هامًا للرئيس أوباما، لأنه يبدو أن هذا الخيار ربما ستتم مواجهته مباشرة في السنة أو السنتين المقبلتين.

للأسف، في تلك المرحلة قد ينتهي شهر العسل مع زملائة في مجلس الشيوخ، وقد تكون السياسة أكثر قسوة، وسوف تكون الرهانات بالتأكيد عالية جدًا. ونظرًا لمكانة وخبرة كيري في الكونغرس فهذا من أهم الأسباب وراء الحاجة لشخص مثله. لقد وجد الرئيس رجل صالح لمهمة صعبة للغاية.