Commentary

Op-ed

انسحاب ترامب من الاتّفاق النووي الإيراني وتداعياته الوخيمة

U.S. President Donald Trump holds up a proclamation declaring his intention to withdraw from the JCPOA Iran nuclear agreement after signing it in the Diplomatic Room at the White House in Washington, U.S. May 8, 2018. REUTERS/Jonathan Ernst
Editor's note:

نُشرت المقالة بالأصل على موقع ذا ريجين وهذه هي الترجمة باللغة العربية.

يصادف اليوم الذكرى الثالثة للاتّفاق النووي الإيراني، المعروف رسميّاً بـخطّة العمل الشاملة المشتركة. وتجدر الإشارة إلى أنّ إمكانيّة صمود هذا الاتّفاق في المستقبل ضعيفة أكثر من أيّ وقت مضى. إذ وضع انسحاب إدارة دونالد ترامب المتعمّد من هذا الاتّفاق في 8 مايو 2018 وإعلان ترامب إعادة فرض العقوبات الأمريكيّة المتعلّقة بالنشاط النووي في خلال الأشهر الثلاثة إلى الستّة المقبلة، هذا الاتّفاق المتعدّد الأطراف على حافة الانهيار. وفي مقابل تخفيف العقوبات، قيّدت خطّة العمل الشاملة المشتركة برنامج إيران النووي، مختتمةً بالتالي أزمة دامت عقداً من الزمن وكانت عرضةً لتصعيد عسكريّ.

وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها حكومة فرنسا وألمانيا والمملكة المتّحدة وإيران، لا يزال مستقبل خطّة العمل الشاملة المشتركة غير مستقرّ. لذلك، من الضروري حماية العلاقات الاقتصاديّة ما بين الاتّحاد الأوروبي وإيران لإنقاذ الاتّفاق. ولا يمكن للاتّحاد الأوروبي تحقيق هذه المهمّة إلّا عبر بذل جهود سياسيّة وقانونيّة حثيثة قد تقنع بدورها طهران بالبقاء في الاتّفاق. لكنْ حتّى لو استجمعت أوروبا قوّة سياسيّة وقَدرت على التحمّل بشكل غير مسبوق أمام واشنطن، فإنّ هذه الجهود المبذولة للمحافظة على استمراريّة الاتّفاق قد تفشل بسبب قلق الشركات الأوروبيّة فعليّاً من عقاب أمريكيّ محتمل.

ولا بدّ من ذكر التداعيات السلبيّة لقرار الرئيس الأمريكيّ ترامب على كافّة الجبهات المعقولة:

دوليّاً، يُضعف بشكل كبير الجهود الدبلوماسيّة المتعدّدة الأطراف لمفاوضة اتّفاقيّات عدم الانتشار والمحافظة عليها، والمفاوضات المتعلّقة بأسلحة كوريا الشماليّة النووية خير مثال على ذلك. وقد شوّهت هذه الحركة أيضاً مكانة الولايات المتّحدة الأمريكيّة في النظام الدّولي عبر تقويض مصداقيّتها أوّلاً كشريك موثوق به في الاتّفاقيّات الدّوليّة―امتثلت إيران في النهاية للجانب الخاصّ بها من المساومة كما تصادق عليه الوكالة الدّوليّة للطاقة الذرّية. أمّا ثانياً، فمن خلال توجيه ضربة من المحتمل أن تقضي على مستقبل التعاون عبر المحيط الأطلسي في مسائل متعلّقة بالأمن الدّولي، تمّ تفاقمها بفعل خداع ترامب لرؤساء الحكومات التابعين لحلفاء واشنطن الأوروبيّين الأساسيّين في اللّحظة الأخيرة من مناشداتهم لإنقاذ الاتّفاق.

أمّا إقليميّاً، فيسمح القرار لإيران بالخروج من الاتّفاق وتنشيط برنامجها النووي وإطلاق العنان بالتالي لسباق تسلّح نووي في الشرق الأوسط، سيتمخّض عنه عواقب وخيمة لا يمكن التنبّؤ بها. وتجدر الإشارة إلى أنّ الأزمة حول برنامج إيران النووي، الذي وضعت له خطّة العمل الشاملة المشتركة نهاية مؤقّتة بصورة فعليّة، قد تظهر مجدّداً وتفسح المجال لإمكانيّة حصول مواجهة عسكريّة. بالإضافة إلى ذلك، قد ينجم عن انهيار الاتّفاق، وهو أمرٌ يقوّي من عزيمة متشدّدي إيران، سياسات إقليميّة مطلقة أكثر يستطيعون السيطرة عليها.

أمّا على الصعيد الداخلي، فقد يصبّ انهيار الاتّفاق في مصلحة متشدّدي إيران: من الممكن أن تزدهر مجدّداً إمبراطوريّات اقتصاد الظلّ التابعة لهم، فيما قد توسّع الدولة السلطوية سلطتها على المجتمع. فقد جاء قرار ترامب في وقت حسّاس جدّاً في التاريخ، أي عندما بدأت الجمهوريّة الإسلاميّة تترنّح بفعل الاحتجاجات المستمرّة طوال الأسابيع والأشهر المنصرمة. ولا بدّ من الذكر أنّ نشاط الإيرانيّين السياسي سيواجه قمع الدولة على نحوٍ أسهل، إذ قد يُصوّر على أنّه يخدم أجندة أمريكيّة لـ”تغيير النّظام”. وبعد انقضاء أقلّ من ثلاثة أسابيع على الانسحاب الأمريكيّ، أعلن المتشدّد الإيراني والجهاز القضائي المسيّس بشدّة أنّ “الهيئات القضائيّة والأمنيّة… ستتصدّى بحزمٍ لأيّ مجموعة أو فرد يبغي المساسّ بأمن البلد”، مصوّراً المحتجّين الشباب كـ”مناهضين للثورة، انطلَت عليهم حيلة الحرب النفسيّة التي يمارسها أعداء الولايات المتّحدة الأمريكيّة وإسرائيل”. بالتالي، يعني ذلك أنّ خطاب الرئيس الأمريكيّ ووزير الخارجيّة مايك بومبيو عن “تغيير النظام” هي مفاجأة سارّة لأجهزة طهران القمعيّة في الوقت الذي تشهد فيه البلاد احتجاجات وإضرابات يوميّة.

وفي النتيجة، تُعارض التداعيات المرجّحة على كلّ هذه الجبهات ما تنوي حركة ترامب المزعومة تحقيقه.

 

Authors