Commentary

Op-ed

إسرائيل والهند.. حلفاء جدد

يمثل التعاون بين إسرائيل والهند – بمباركة من الولايات المتحدة- مصلحة أمنية مشتركة للبلدين في منطقة غير مستقرة من العالم.

في 21 يناير 2008، تم إطلاق صاروخ هندي من قاعدة «سريهاريكوتا» الفضائية في المحيط الهندي يحمل قمر التجسس الإسرائيلي «بولاريس» الذي يعد الأكثر تطورا بين أقمارها التجسسية. وإطلاق مؤسسة بحوث الفضاء الهندية للقمر الإسرائيلي يلقي الضوء على تنامي العلاقات العسكرية والمخابراتية بين إسرائيل والهند. وكانت الولايات المتحدة قد أسهمت في تطوير هذه العلاقات، ولها مصلحة في نجاحها. وعلى الرغم من أن هذه العلاقة فريدة في ميدان التعاون العسكري، فإنها تمثل واحدة من مجموعة علاقات بين إسرائيل والقوى الكبرى أو القوى الصاعدة، والتي تستحق الاهتمام.
لقد نشأت العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والهند في عام 1991، بالتزامن مع عملية مدريد للسلام بين العرب وإسرائيل التي خلقت مناخا دبلوماسيا ملائما للهند للمضي أبعد من الاتصالات غير الرسمية مع إسرائيل قبل 1990. وبعد ذلك، عمل طاقم الرئيس بوش في مجلس الأمن القومي سرا مع سفارة حكومة رئيس الوزراء (الهندي) «راو» في واشنطن ليجعلوا ذلك أمرا ممكنا. وأعقبت ذلك اتصالات عسكرية، ثم تعاون دفاعي بين الطرفين.

في عقد التسعينيات كانت الصين السوق الأكثر أهمية لصادرات الأسلحة الإسرائيلية، وكانت آخر صفقة في تلك العلاقة هي نظام «فالكون» للسيطرة والإنذار المبكر (آواكس) الذي يستخدم تقنيات أميركية، وبالتالي كان بحاجة إلى موافقة أميركية. وخلال عقد التسعينيات، ومع ازدياد التوتر بشأن مضيق تايوان، ضغطت واشنطن على وزارة الدفاع في تل أبيب للحد من علاقتها ببكين. وهكذا تحولت أنظمة الإنذار المبكر «فالكون» إلى مسألة خلاف. وكان لذلك تأثيرات اقتصادية سلبية كبيرة على إسرائيل.

في عام 2000، ضغط رئيس الوزراء إيهود باراك على الرئيس كلينتون لتقديم المساعدة. خطرت للرئيس كلينتون فكرة مفادها: إذا كانت الولايات المتحدة لا تحبذ عقد صفقات أسلحة بين إسرائيل والصين، فإنها لا تعارض صفقات بيع الأسلحة إلى الهند، لأنها لا تثير الحساسيات التي أثارتها قضية تايوان. وبعبارة أكثر دقة، فإن بيع نظام «فالكون» للهند لن يلقى معارضة من واشنطن. أوضح كلينتون أن واشنطن لن تقلق بشأن التوازن العسكري مع باكستان، كونها ليست ملتزمة بالدفاع عن باكستان، كما أن ميزان القوة العسكرية التقليدية في عام 2000 يميل أصلا لصالح الهند. وقد ناقش الزعيمان (الأميركي والإسرائيلي) المسألة بالتفصيل على هامش القمة الإسرائيلية-الفلسطينية في كامب ديفيد منتصف عام 2000، حيث توصلا إلى اتفاق حصلت إسرائيل بموجبه على الضوء الأخضر لمغازلة الهند.

والآن، وبعد 8 سنوات تقريبا، أصبحت الهند أكبر سوق لصادرات الأسلحة الإسرائيلية في العالم. إذ بلغت المبيعات عام 2006 ما قيمته مليار ونصف المليار دولار، وهي قيمة المبيعات نفسها في السنوات الثلاث التي سبقتها. وهذا يعني أن السوق الهندية تستحوذ على أكثر من ثلث إجمالي قيمة مبيعات الأسلحة الإسرائيلية التي بلغت 4.2 مليار دولار عام 2006. وشملت المبيعات نماذج مطورة من طائرة «ميغ21»، ودبابات «ت-72» المشتراة أصلا من روسيا، ونظام «باراك» المضاد للصواريخ، ومعدات اتصال وقذائف موجهة بأشعة الليزر، ونظام «فالكون» للإنذار المبكر. وتم تسليم أول خمس طائرات فالكون (آواكس) عام 2007.

ويجري تطوير علاقات شراكة الآن بين الشركات الهندية والإسرائيلية. كما يحاول خبراء الأسلحة الإسرائيليون أيضا بيع نظام صواريخ «آرو-2» البالستية إلى الهند. وسيتطلب ذلك الحصول على موافقة الولايات المتحدة، لوجود تقنيات مشتركة في هذا النظام الصاروخي، مما سيمنح الهند نظام دفاع صاروخي متطور. وسبق أن تم بيع نظام رادار «باين» (The Green Pine) إلى الهند، وهو واحد من المكونات الأساسية لنظام صواريخ «آرو-2».

والقمر الصناعي «بولاريس» هو أول قمر إسرائيلي مزود برادار ذو قدرة فائقة على التقاط الصور في جميع الظروف الجوية. إذ يخترق الرادار الغيوم أو الضباب، ليلتقط صور الأشياء على الأرض. وقد تم إطلاقه من جنوب الهند في مدار قطبي، وسيغطي مواقع في إيران، بما يخدم خطط الجيش الإسرائيلي. واستنادا إلى مصادر صحافية هندية، فإن قمرين صناعيين آخرين سيطلقان عن طريق مؤسسة بحوث الفضاء الهندية خلال السنوات القليلة القادمة. وربما يكون البرنامج الإيراني النووي الهدف الأساس لهذه الأقمار الصناعية.

ولإسرائيل سيطرة تشغيل كاملة على نظام «بولاريس» والأهداف التي تريد التقاط صور لها. وليس معروفا إن كان أي طرف ثالث سيطلع على المعلومات الاستخباراتية المستقاة من الصور.
وعبر منتقدو صفقة التعاون النووي بين الولايات المتحدة والهند التي أبرمها الرئيسان بوش وسنغ عن قلقهم بشأن الروابط القائمة بين الهند وإيران، إذ إن للهند مصالح هامة في إيران، كما أن الهند تضم أكبر مجموعة سكانية شيعية في العالم بعد إيران. ولكن ما من وجه للمقارنة بين العلاقات المتطورة بين الهند وإسرائيل والعلاقات الضعيفة بين الهند وإيران فيما يخص قضايا الأمن.

ووفقا لما ذكره مسؤولون في مؤسسة بحوث الفضاء الهندية الذين تحدثت معهم في بانغالور في شهر فبراير، فإن إطلاق «بولاريس» قد دفع إيران إلى تقديم احتجاج شديد إلى الهند. وأضافوا أن الهند ستلتزم بعلاقاتها التجارية مع إسرائيل. وقالوا أيضا إن الهند ستطلق أول قمر لها يعمل على التصوير بالرادار في وقت لاحق من هذا العام. وأعلن رئيس أركان الجيش الهندي، الجنرال ديباك كابور، أن امتلاك الهند لقدرات التصوير المتطور ضروري جدا لتطوير قدرات الإنذار المبكر، تحسبا لأي هجوم من باكستان أو الصين.

إن الترابط بين إسرائيل والهند في الميادين التجارية والعسكرية والمخابراتية مفيد للبلدين، وكذلك للولايات المتحدة. ففي فترة تقل عن عقدين من الزمن، منذ أن تم تطوير العلاقات الدبلوماسية، قطعت الهند وإسرائيل شوطا كبيرا على طريق التعاون بمباركة الولايات المتحدة.

• بروس ريدل هو باحث أعلى في مركز سابان في مؤسسة بروكنجز. وقد عمل قبل تقاعده في عام 2006 مستشارا حول قضايا الشرق الأوسط لآخر ثلاثة رؤساء أميركيين.