June

17-18
2020

صفقات بيع الأسلحة مستمرّة في خلال جائحة فيروس كورونا المستجدّ

Wednesday, June 17 - Thursday, June 18, 2020


نظّم مركز بروكنجز الدوحة ندوة عبر الإنترنت في 17 يونيو 2020 حول أثر جائحة فيروس كورونا المستجدّ على الأنشطة العالمية المتعلّقة بالأسلحة. وركّز المشاركون على الدول المستورِدة في الشرق الأوسط والصفقات التي أبرمتها مع الدول الغربية المصدِّرة للأسلحة. وشارك في الندوة، التي أدارتها نهى أو الدهب، زميلة في مركز بروكنجز الدوحة، مجموعةٌ من الخبراء المرموقين، من بينهم ديفيد ويرينغ، زميل تدريس في جامعة هولواي الملكية؛ ودينيس هوراك، السفير الكندي السابق لدى المملكة العربية السعودية؛ وديانا أولبوم، المديرة التشريعية للسياسة الخارجية في لجنة الأصدقاء للتشريعات الوطنية؛ وبيتر ويزيمان، باحث أوّل في برنامج الأسلحة والإنفاق العسكري في معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام.

افتتح دينيس هوراك النقاش بالكلام على مبيعات الأسلحة الكندية إلى المملكة العربية السعودية. ولفت إلى أنّ كندا تبيع الأسلحة إلى الدول الخليجية منذ عقود، لكنّ معظم المدنيين لم يكونوا على علم بذلك. ولم يصبح الموضوع مسألة سياسية إلا بعد أن أبرمت كندا صفقةً لبيع المملكة آليّات عسكرية بقيمة مليارات الدولارات. وأكّد هوراك في النهاية أنّ كندا تصدّر الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية لأسباب تجارية ولا تَعتبر هذه التجارة أمراً استراتيجياً. في المقابل، سعت المملكة العربية السعودية إلى استغلال عمليات شراء الأسلحة للوصول إلى علاقة أوسع. بيد أنّ الانخراط السياسي لم يكن على القدر المرغوب بالنسبة إلى المملكة. علاوة على ذلك، قال هوراك إنّ كندا لم تلغِ قرار وقف الصفقة المذكورة أعلاه بسبب الأثر الاقتصادي لفيروس كورونا المستجدّ، بل كانت متردِّدة في التخلّي عن عقدٍ صالحٍ، فتعرّض بذلك سمعتها العالمية للخطر. زدْ على ذلك أنّ رئيس الوزراء جاستن ترودو سعى إلى ضمان الصفقة لإيجاد فرص عمل، ولفت هوراك إلى أنّ هذا الأمر عامل مهمّ. ويأمل السفير السابق في المستقبل أن يرى عودة علاقة كندا بالمملكة العربية المتّحدة إلى سابق عهدها لكي تتحلّى هذه الدولة الغربية بقوّة ناعمة للتأثير في هذه الدولة الخليجية.

وتابعت ديانا أولبوم النقاش فشرحت الصعوبة التي يواجهها الكونغرس الأمريكي في وقف مبيعات الأسلحة إلى الأنظمة القمعية. وقالت إنّ التحدّي يكمن في الافتراضات الجدلية المحيطة بالنزعة العسكرية الأمريكية. ومن بين هذه الافتراضات فكرة أنّ سلامة الأمريكيين تعتمد على العمليات العسكرية المستمرّة في الخارج وأنّ قتل المدنيّين الأبرياء نتيجة لا مفرّ منها. ومن الافتراضات الأخرى التي ذكرتها أولبوم أنّ تجارة الأسلحة تؤدّي دوراً أساسياً في الاقتصاد الأمريكي. لكنّها دحضت هذا الادّعاء ولفتت إلى أنّ استثماراً بقيمة مليار دولار في قطاع الرعاية الصحّية يؤمّن 14300 فرصة عمل، فيما لا يؤمّن الاستثمار ذاته في القطاع العسكري سوى أقلّ من نصف هذا العدد. وبالتطلّع إلى المستقبل، لفتت أولبام إلى أنّه في وسع الكونغرس إعادة صياغة القوانين لمنع بيع الأسلحة بدون موافقته الصريحة. بيد أنّ خطوة كهذه تتطلّب دعماً فعلياً من الشعب الأمريكي، الذي لم يُعطِ الأولوية للسياسة الخارجية في السابق. مع ذلك، تشير أولبوم إلى أنّ المدنيّين يربطون بين “العنصرية البنيوية في الداخل والبحث عن السيطرة العسكرية الأمريكية على العالم”. بالتالي، ستكون على الأرجح مسائل السياسة الخارجية، على غرار مبيعات الأسلحة، مواضيع سيناقشها الناخبون مع ممثّليهم في الكونغرس.

ثمّ ناقش ديفيد ويرينغ علاقة المملكة المتّحدة بالمملكة العربية السعودية. فقال أوّلاً إنّ تجارة الأسلحة بين المملكتَين تعكس شراكة استراتيجية. فالمملكة العربية السعودية تشتري أكثر من خمسين في المئة من صادرات الأسلحة لدى المملكة المتّحدة وتساعدها على تمويل عجزها الحالي في الحسابات. علاوة على ذلك، لفت ويرينغ إلى أنّه بسبب تراجع الطلب على النفط، ستخّفف المملكة العربية السعودية على الأرجح من إنفاقها العسكري حتّى لو بدأت أسعار النفط بالتعافي. على الرغم من ذلك، يتزايد التوتّر داخل المملكة العربية السعودية حيث تتعارض إجراءات التقشّف الداخلي مع البذخ الخارجي في الاستثمارات وعمليات شراء الأسلحة. أخيراً، علّق ويرينغ على قرار أصدرته المحاكم البريطانية في العام الماضي منَعَ الحكومة من منح رخص جديدة لتصدير الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية. فقال إنّ هذه الخطوة أتت متأخّرة بعض الشيء. ففي الوقت الراهن، سبق أن كسبت المملكة العربية السعودية الكثير من الرخص التي ما زالت تتاجر بموجبها اليوم. زد على ذلك أنّ قضيّة المحكمة لم تؤثّر في الدعم البريطاني العملي للمملكة العربية السعودية في إجراء هجماتها على اليمن، ويشمل ذلك تقديم العناصر والخبرات.

وختم بيتر ويزيمان النقاش عبر تحليل التداعيات الطويلة الأمد لانهيار أسواق النفط وتداعيات الجائحة الاقتصادية على الإنفاق العسكري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ولفت ويزيمان أنّ الدول العربية من أكبر شراة الأسلحة. والمملكة العربية السعودية هي أكبر دولة مستوردة للأسلحة في العالم، وسبعةٌ من الدول ذات العبء العسكري الأعلى (حصّة الإنفاق العسكري في الناتج المحلّي الإجمالي) تقع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أيضاً. ولفت الباحث إلى أنّه من الصعب التوقّع ما إذا ستبقى هذه الوتيرة من الإنفاق مستدامة. بيد أنّه قال إنّ من الممكن القيام ببعض التوقّعات بناء على التوجّهات التاريخية. مثلاً، خفّضت المملكة العربية السعودية كثيراً من إنفاقها العسكري عندما انخفضت أسعار النفط في العام 2015. لهذا قد نرى برأيه تخفيضاً مماثلاً في خلال الجائحة. من ناحية أخرى، قد تقرّر دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المحافظة على مستوى إنفاقها العسكري في حال ازدادت تصوّرات التهديدات. وبالفعل، على مدى السنوات الأخيرة، سعت الدول في العالم العربي إلى شراء الأسلحة لا لتأسيس الشراكات فحسب بل لزيادة انخراطها في الصراعات الإقليمية أيضاً. أخيراً، صرّح ويزيمان أنّ دولاً كثيرة تبدأ بممارسة الحرب الرخيصة، التي تعتمد على تزويد القوّات الوكيلة بمعدّات منخفضة الكلفة. وبالتالي قد لا تُترجم التخفيضات في الإنفاق العسكري بتراجع في النزعة العسكرية.

وركّزت جلسة الأسئلة والأجوبة اللاحقة على الحلول غير العسكرية للصراعات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وعلى مستقبل تجارة الأسلحة بين كندا والمملكة العربية السعودية وعلى تعزيز المساءلة ضمن هذا القطاع. فذكر ويزيمان ألمانيا والسويد كمثلَين أوروبيّين حثّ المجتمعُ المدني فيهما على تعامل تجاري أكثر مسؤولية وعلى البحث في الحلول غير العسكرية للأعمال العدائية في العالم العربي. ولفت إلى أنّ فيروس كورونا المستجدّ لن يُحدث ضرراً على الأرجح بالأنشطة العالمية المتعلّقة بالأسلحة، لا بل ستشجّع تداعيات الجائحة الاقتصادية تجّار الأسلحة على الإبقاء على علاقات وثيقة بالنخبة السياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للمحافظة على المبيعات. علاوة على ذلك، قال هوراك إنّه عند هذه المرحلة، ما من خيار أمام كندا سوى الاستمرار بمبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية، أقلّه بموجب العقد الراهن. وشدّد السفير السابق على أنّه في المستقبل ينبغي على كندا أن تكون على يقظة كبيرة عند بيع الأسلحة للحرص على استخدام المستوردين الأسلحة بحسب الغايات التي ادّعوها. أخيراً، لفتت أولبوم أنّه بالنسبة إلى الولايات المتحدة، ينبغي على الكونغرس أن يتصرّف للحرص على المساءلة ضمن تجارة الأسلحة الأمريكية. وينبغي أن تجمع الهيئة التشريعية المعلومات عمّا إذا كانت عملية بيع ما ستساعد على انتهاك حقوق الإنسان وإدامة الفساد قبل توقيع أيّ صفقة.