December

09
2015

1:30 am +04 - 3:00 am +04

سوريا: نحو تحقيق السلام أو تأجيج الصراع؟

Wednesday, December 09, 2015

1:30 am - 3:00 am +04

النادي الدبلوماسي
قاعة روشانة

شارع الإستقلال، الخليج الغربي
الدوحه

استضاف مركز بروكنجز الدوحة ندوة سياسية بتاريخ 8 ديسمبر 2015 حول وضع الصراع السوري وإمكانية التفاوض على السلام في فيينا العام المقبل. وقد شارك في النقاش كلّ من مروان قبلان، رئيس قسم تحليل السياسات في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات؛ ونوا بونسي، محلل أول في الشأن السوري، مجموعة الأزمات الدولية؛ وتشارلز ليستر، زميل زائر في مركز بروكنجز الدوحة.

استهلّ بركات النقاش بالقول إنّ الكارثة الإنسانية في سوريا ستدخل قريباً عامها الخامس، وقد قُتل أكثر من 250 ألف شخص وتشرّد نصف سكان البلاد. وتابع القول إنّ الاجتماعات متعددة الأطراف التي عُقدت في فيينا مؤخراً قد أظهرت تصميماً دبلوماسياً متجدداً للتفاوض على السلام في سوريا، ولكن يبقى ثمة خلافات كبيرة بين سماسرة السلطة الرئيسيين في الصراع. ركّز بركات سؤاله الأول على الأحداث الأخيرة، وسأل المشاركين عن كيفية اختلاف الاجتماع الجاري في الرياض مع جماعات المعارضة السورية عن الجهود السابقة.

أشار قبلان إلى أنّ الاجتماع الذي اقتُرح عقده في فيينا بتاريخ 14 نوفمبر في البداية قد تلقّى الدعم من الولايات المتحدة وروسيا وتركيا ومعظم اللاعبين الأساسيين الآخرين في الصراع، باستثناء إيران التي تخشى المشاعر المعادية لها بين أوساط المعارضة. سيضمّ الاجتماع مجموعات معارضة وأخرى مسلّحة، لتكون هذه المرة الأولى التي تشارك فيها المجموعات المسلحة على غرار جيش الإسلام وأحرار الشام في المفاوضات. ويأمل قبلان أن توافق المعارضة على الحلّ السياسي الذي تمّ تعريفه على نطاق واسع وأن تجد طريقةً لتوحّد بها رسالتها.

وأضاف ليستر أنّ اجتماع الرياض يشكّل تحولاً في السياسة الغربية تجاه العديد من المجموعات المسلحة السورية، إذ يعترف الغرب اليوم أنه رغم أن هذه المجموعات محافظة من الناحية الأيديولوجية، إلا أنها شعبية وقوية جداً، بحيث لا يمكن استبعادها عن المفاوضات. وأشار إلى أنّ المحادثات القادمة في فيينا ستكون أكثر جدية من الناحية النوعية مقارنةً بالمفاوضات السابقة وسوف تتزامن مع وقف إطلاق للنار في مختلف أنحاء البلاد. ومن المستحيل لوجستياً فرض وقف إطلاق نار مماثل من دون إشراك مجموعات مسلحة رئيسية كجيش الإسلام وأحرار الشام. وبالتالي، حثّ ليستر على إدراج مزيد من المجموعات المسلحة بين ممثلي المعارضة.

سلّط بونسي الضوء على الفوارق بين الفصائل الثورية الإسلامية المسلحة، مثل جيش الإسلام وأحرار الشام، والمجموعات الجهادية السلفية المسلحة، على غرار الدولة الإسلامية وجبهة النصرة. فعلى خلاف الجهاديين السلفيين، تعترف الفصائل الثورية بحق السوريين باختيار حكومتهم، وتدعم مقاربة شاملةً تجاه الأقليات غير المسلمة، ولا تسعى إلى تحقيق أجندة تتخطى الحدود القومية السورية.

عندئذ، حوّل بركات النقاش إلى التدخل الروسي الأخير. وشدّد بونسي على أنّ تدخل روسيا جدّد الاهتمام في الدفع بالعملية السياسية قدماً. ومع ذلك، ستقوّض الخلافات القائمة بين الأطراف الرئيسية في البلاد بشأن مستقبل الأسد في سوريا محادثات فيينا، على غرار ما حصل في جنيف 1 وجنيف 2. وفي الوقت عينه، تؤمن الأطراف المتحاربة في سوريا كلها بإمكانية تحقيق انتصار عسكري، مما قد يجعل الحرب على الأرض بلا نهاية. وبالتالي، ينبغي أن يأتي الزخم من الأطراف الفاعلة الإقليمية والدولية التي يمكن أن تضع حداً للجمود الحالي.

اختلف رأي قبلان بعض الشيء، وقال إنه بالإضافة إلى الدولة الإسلامية والأسد، لا تعتقد معظم الجهات الفاعلة في سوريا بوجود حلّ عسكري للصراع لأنّ ما يجري هو حرب بالوكالة. فهذه ليست مجرّد مواجهة مع الأسد وحسب، بل مع قوى إقليمية أيضاً. وتجد الجهات الفاعلة السورية إنه ينبغي التوصل إلى حلّ سياسي لتحقيق النصر. وقد يتحقق ذلك في فيينا.

وأشار ليستر إلى أنه غالباً ما يتمّ التقليل من دور روسيا في الصراع، ولكنّ مداه الفعلي قد ظهر بوضوح مرات عدة. فعلى سبيل المثال، أقنعت روسيا الأسد بتدمير الأسلحة الكيميائية التي كان يمتلكها في أكتوبر 2013. كذلك، لا بد أن نميّز أنه عندما شنت روسيا غاراتها الجوية قبل بضعة أشهر، لم تكن تساعد الأسد بل تنقذه. بدأت المعارضة السورية بتوحيد رسالتها تدريجياً تمهيداً للمفاوضات مع الأسد، ولكنّ التدخّل الروسي وضع حداً لهذا الاحتمال. وسوف تظل روسيا في سوريا لفترة طويلة ولأفعالها تأثير أكبر على الأسد منه على إيران. وأضاف بونسي أنّ موقف روسيا بشأن مصير الأسد أكثر غموضاً إلى حدّ ما من موقف إيران، التي تعتبر خسارة هذا الأخير تهديداً وجودياً. وبالتالي، من المرجّح أكثر أنّ تقدم روسيا، وليس إيران، التنازلات أو تكون مستعدة لتقديم التنازلات خلال المفاوضات.

ورداً على سؤال وجّهه بركات، قدّم بونسي ملخصاً سريعاً عن الساحة الكردية، قائلاً إنّ القوات الكردية قد سيطرت على أجزاء كبيرة من شمال سوريا. واللاعبون الرئيسيون في هذه الساحة هم حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) المرتبط بعبد الله أوجلان من جهة ومجموعة متباينة من الأحزاب الكردية التي اندمجت مع حزب مسعود البرزاني في العراق لتشكيل المجلس الوطني الكردستاني من جهة أخرى. وثمة خلافا كبيراً بين هاتين الجهتين. وأضاف أنّ هذه الفترة مهمّة بالنسبة إلى الحركة الكردية، فهي تعتبر نفسها محايدة وأنها تعارض الأسد والإسلاميين، وقد تحالفت مع إيران وروسيا والولايات المتحدة، كما تجمعها علاقات صعبة بالعرب والأتراك. تتمتع الولايات المتحدة حالياً بنفوذ على وحدات الدفاع الشعبي ويجب أن تستغله.

قام بركات بتوجيه النقاش نحو أزمة اللاجئين، وأشار إلى أنّ أربعين بالمئة فقط من اللاجئين الذين يتدفقون إلى أوروبا هم في الواقع من السوريين. وسأل قبلان عما إذا كانت أوروبا ستبدأ بالتركيز على المشهد الأكبر لعدم الاستقرار في المنطقة. اتفق قبلان مع وجهة نظر بركات، وأشار إلى أنّ أوروبا اعتمدت دائماً نهجاً قصير النظر مع جوارها، ولا تبدو يوماً استباقية مع جذور المشاكل التي تجبر الناس على الفرار. وتابع قائلاً إنّ الأسد يستخدم اللاجئين لمعاقبة أوروبا ودفعها نحو اتخاذ قرار آخر قصير النظر، ألا وهو بقاؤه في السلطة. وقد نجح في ذلك في الواقع، إذ تحوّل الخطاب عن سوريا ببطء بعيداً عن الأسد وتجاه اللاجئين والإرهاب، مما يجعل الدعم الأوروبي لرئاسته احتمالاً فعلياً.

وافق ليستر على ما قيل، مشيراً إلى أنّ قضية اللاجئين تدفع الغرب إلى التفكير في تقسيم سوريا، سواء بسبب استراتيجية متعمدة من الأسد أم لا، وهذا قرار آخر قصير النظر سيساعد هذا الأخير للبقاء في السلطة. وفي الواقع، تشير تطورات أخرى إلى أنّ الأسد بدأ بالتمهيد لتقسيم بلا مشاكل لسوريا كسيناريو في أسوأ الحالات. فعلى سبيل المثال، قام في أغسطس 2015 بتسهيل تبادل أراضٍ مسيطر عليها في الزبداني، بحيث تمّ تبادل مدنيين مناهضين للأسد مع موالين له من إدلب؛ بالتالي محوّلاً المنطقة الواقعة على طول الحدود اللبنانية السورية ببطء إلى منطقة خالية من المعارضة.

في تعليق أخير، أضاف بونسي أنّ روسيا تتبنى هذه الاستراتيجيات، وأنها تستهدف مجموعات المعارضة في محاولة لتهجير المزيد من الناس والتسبب في تفاقم أزمة اللاجئين. ومرة أخرى، نجد أنّه ضمن التحالف الموالي للأسد، روسيا هي أقلّ جهة فاعلة ستخسر بالتوصل إلى حلّ وسط مع المعارضة. ومع ذلك، من شبه المستحيل أن نتصوّر أنها ستلعب دوراً إيجابياً في المرحلة الانتقالية بسبب دعمها للأسد وسياساته بلا هوادة.