December

17-18
2020

الربيع العربي بعد مرور عشر سنوات: الدروس والتوقّعات

Thursday, December 17 - Friday, December 18, 2020


DC

نظّم مركز بروكنجز الدوحة ندوة عبر الإنترنت في 17 ديسمبر 2020 حول أثر الانتفاضات العربية التي نشبت في العام 2011 والتوقّعات المستقبلية حيالها. وتطرّقت الندوة إلى العوامل التي تُفسّر نجاحَ بعض الدول في الدمقرطة وفشل دول أخرى والاقتصادَ السياسي المتحوّل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالإضافة إلى تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجدّ. وشارك في الندوة، التي أدارها نادر قبّاني، مدير البحوث في مركز بروكنجز الدوحة، مجموعةٌ من الخبراء المرموقين، من بينهم جوزيف باحوط، مدير معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية؛ ولينا الخطيب، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد تشاتام هاوس؛ وميشيل دنّ، مديرة برنامج الشرق الأوسط في مؤسّسة كارنيغي للسلام الدولي.

بدأ جوزيف باحوط النقاش بلفت الانتباه إلى ثلاثة عوامل تساعد على تفسير النجاح الذي حقّقته الموجة الأولى من الانتفاضات في دول أكثر من دول أخرى. العامل الأوّل هو طبيعة الدولة قبل بروز الانتفاضة فيها. ففي دول مثل تونس ومصر، كان يسري تقليد من الجمهوريانية والدولة ليست وراثية بالكامل أو متمحورة حول النظام. والعامل الثاني هو طبيعة المجتمع، والثالث هو الجيوسياسات. في هذا الصدد، قال باحوط إنّ التحوّل في هيكلية السلطة في تونس لما كان ليغيّر جيوسياسات المغرب العربي. لكنّ سوريا في المقابل شكّلت أهمّية استراتيجية، ممّا أدّى إلى تدخّلات من جهات فاعلة إقليمية ودولية على حدّ سواء. علاوة على ذلك، قال باحوط إنّ عملية تغيير النظام في العالم العربي ستكون طويلة وعنيفة ومتعرّجة. أخيراً، قال إنّ النموذج الذي بموجبه يمتصّ النموُّ الاقتصادي الذي ولّدته طفرةُ النفط في الخليج العجزَ في إيجاد فرص العمل في فلسطين والجزائر وسوريا وغيرها سيولّي من غير رجعة. في المستقبل، ينبغي على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التركيز على إيجاد فرص العمل من خلال قطاعات الزراعة والصناعة التكنولوجيا الإنتاجية. بيد أنّ الأنظمة التعليمية الراهنة غير مؤهّلة لدعم هذا التغيير.

وأضافت لينا الخطيب إلى لائحة العوامل التي تفسّر نجاح تونس النسبيّ في الانفتاح. العامل الأوّل هو أنّ الشخصيّات السياسية أدركت أنّه عليها منح الأولوية للبراغماتية على حساب الأيديولوجية لتحقيق التقدّم. والعامل الثاني هو أنّ المجتمع المدني قوي وناشط، لا داخل البلاد فحسب بل بين الشتات أيضاً. والعامل الثالث هو أنّ المرأة أدّت دوراً مهمّاً وعالي الصوت، والرابع هو وجود نقابات عمّالية أدّت دور الرقيب في خلال العملية كلّها. والعامل الأخير هو غياب التدخّل من الجهات الفاعلة الخارجية. علاوة على ذلك، تحدّثت الخطيب عن استطلاع رأي أجرته صحيفة “ذا غارديان” بيّن أنّ معظم المدنيين في أرجاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، باستثناء بعض الدول، يعتقدون أنّ الأمور بقيت على حالها نوعاً ما منذ الانتفاضات العربية ولا يندمون على حدوثها. وأكثرية الذين أتى جوابهم إيجابياً كانوا من الشباب وأعربوا عن تفاؤلهم بالمستقبل. لكن لسوء الحظّ، كما لفتت خطيب، ليس للشباب القوّة للحثّ على التغيير وتحويل الأنظمة السياسية المترسّخة. مع ذلك، سيتمّكنون من قيادة المنطقة بعد عشر أو عشرين سنة ويحوّلون ربّما الربيع العربي إلى نجاح.

ختمت ميشيل دنّ النقاش بالقول إنّ أحد الأسباب التي جعلت تونس الأنجح هو أنّ الجيش لم يتدخّل في الشؤون السياسية. وتابعت قائلة إنّ المنطقة تشهد تغييراً هائلاً حالياً له علاقة بنهاية عصر النفط والغاز. فقد أثّر هذان الموردان الطبيعيان على الكثير من أحداث المنطقة السياسية، لكنّ التوقّعات تشير إلى أنّ الطلب سيرتفع ثمّ يبدأ بالانخفاض. وسوف تواجه عدّة دول في العالم العربي المشاكل لأنها لم تبنِ اقتصادات مُنتجة متنوّعة ترتكز على رأس المال البشري. بيد أنّ دنّ متفائلة لأنّ الشباب يعبّرون عن إحباطهم بصوت أعلى، وهي تعتقد أنّ التغيّر يحدث عندما تضغط المجتمعات لحصوله. أخيراً، لفتت إلى أنّه من الصعب فتْح الاقتصاد من دون فتْح النظام السياسي أيضاً.

وركّزت جلسة الأسئلة والأجوبة اللاحقة على العقد الاجتماعي الراهن ودور وسائل التواصل الاجتماعي والجهات الفاعلة الغربية. أولاً، لفت باحوط إلى أنّه تنبغي إعادة تصوّر العقد الاجتماعي السابق في العالم العربي وأن لا خيار للشباب سوى الانخراط في السياسة لأنّهم لن يتمكّنوا من تفادي الصعوبات الاقتصادية. وأعرب عن خوفه أنّ الشباب ينخرطون في “العمل السياسي الكسول” وأنّ العمل الناشطي على وسائل التواصل الاجتماعي لا يكفي لإسقاط الأنظمة الراهنة. ولفتت خطيب إلى أنّ الكثيرين يرَون أنّ مصير المنطقة هو السلطوية لكنّهم لا يأخذون في الحسبان دور الغرب. مثلاً، عمّت الفوضى في سوريا جزئياً بسبب غياب الإرادة السياسية لدى الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما. وختمت دنّ بالقول إنّ على الغرب أن يسأل نفسه إن كان يعمل بنشاط لتمكين بيئة إقليمية تؤيّد الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم العربي وتأسيسها. أخيراً، عبّرت عن تفاؤلها في أنّ الرئيس المُنتخب جو بايدن سيرسّخ من جديد القيم الليبرالية كمكوّن أساسي للسياسة الخارجية الأمريكية.