February

03
2020

1:30 am AST - 2:30 am AST

أهمية مراكز الأبحاث ودورها في أوقات الأزمات

Monday, February 03, 2020

1:30 am - 2:30 am AST

فندق انتركونتيننتال الدوحة، بجانب كتارا
قاعة الوجبة


الدوحة, DC

نظّم مركز بروكنجز الدوحة ومركز الجزيرة للدراسات ندوة مشتركة في 2 فبراير 2020 حول دور مراكز الأبحاث في فترات الأزمة، وذلك كجزء من سلسلة سنوية مشتركة حول “أهمّية مراكز الأبحاث”. وبحَثَ المشاركون كيف تستطيع مراكز الأبحاث تغيير دورها في فترات الأزمة والحرص على أن يصل عملها للجماهير الملائمة وتوصيل أفكارها إلى هذه الجماهير بفعالية أكبر. وشارك في الندوة مجموعة من المفكّرين والخبراء المرموقين، من ضمنهم نادر قباني، مدير الأبحاث في مركز بروكنجز الدوحة، ونايف بن نهار الشمري، مدير مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة قطر، ومحمد الشرقاوي، كاتب في مركز الجزيرة للدراسات وبروفيسور في حلّ الصراعات في جامعة جورج ميسون. وأدار الندوة أحمد طه، مذيع في قناة الجزيرة مباشر، وحضرها لفيف من الأوساط الدبلوماسية والأكاديمية والإعلامية في الدوحة.

بدأ نادر قباني النقاش عبر التفكّر في دور مراكز الأبحاث. فقال إنّ مراكز الأبحاث تربط بين الأكاديميين وصانعي القرار، وبالتالي، عليها توصيل معلومات ذات صلة بطريقة يمكن فهمها بسهولة. ففي خلال الأزمات مثلاً، الوقت محدود، لذا ينبغي أن يكون التحليل مقتضباً ومُنطبقاً على الوضع الساري. ومع أنّ مراكز أبحاث كثيرة تنشر تحليلات بحسب جداول زمنية محدّدة مسبقاً، ينبغي عليها أن تكون مرنة بما فيه الكفاية للتعامل مع الأحداث مع تبلورها. عليها أيضاً أن تُنشئ روابط متينة مع صانعي القرارات، فتضع الأسس للتعاون في خلال فترات الأزمات، وأن تفكّر في الطريقة التي يمكن فيها تطبيق توصياتها بشأن السياسات وفي الغايات التي تريد تحقيقها. ولفت قباني الانتباه إلى الأثر الإيجابي لوسائل التواصل الاجتماعي في الأبحاث، مفيداً أنّ المراكز باتت قادرة على النشر بوقت أسرع والتفاعل مع الرأي العام باستخدام منصات جديدة على الإنترنت. واستعرض أيضاً التحديات التي تشكّلها وسائل التواصل الاجتماعي، على غرار الانتشار السريع للأخبار الكاذبة. فبحلول الوقت الذي تنشر فيه مراكز الأبحاث تحليلات تصحيحية تكون الأكاذيب الجديدة سبق أن انتشرت. في الإطار عينه، قال إنّه فيما تحتاج مراكز الأبحاث إلى اختصاصيين إعلاميين قادرين على التفاعل بسرعة مع هذا الدفق من المعلومات، لا ينبغي عليهم التفاعل مع كلّ خبر ينتشر، بل عليهم عوضاً عن ذلك التريّث قليلاً وانتظار تطوّر المعلومات.

وتابع محمد الشرقاوي النقاش بالقول إننّا نعيش في زمن مضطرب تندلع فيه الأزمات بسرعة أكبر من قبل. وقال إنّه في هذه الفترة الراهنة التي تتابع فيها دول العالم ما يجري في المنطقة عن كثب، وتقوم كلّ دولة بذلك تبعاً لحساباتها الخاصة، في وسع مراكز الأبحاث تأدية دور مهمّ للغاية عبر تقديم رؤى معمّقة لمختلف المسائل وعبر تأمين الإرشاد للقرارات بشأن السياسات. وقال الشرقاوي أيضاً إنّه على الرغم من أنّ المراكز تخضع للضغط لتقديم المعلومات بأسرع ما يمكن، يبرز بين محتوى الأبحاث ومحتوى وسائل التواصل الاجتماعي فرقٌ. وأضاف أنّ مراكز الأبحاث ليست معنيّة أساساً بنشر الأخبار، بل بتحليل الأحداث لتقديم وجهات نظر فريدة. فتقدّم التحليلات الموجَّهة لصانعي القرار والأكاديميين والعامّة، فتولّد المعرفة التي تدخل في المجال العام وتصبح جزءاً من الخطاب العام. علاوة على ذلك، لفت الانتباه إلى قلّة مراكز الأبحاث في العالم العربي مقارنة بالغرب.

واعترض نايف بن نهار الشمّري على ملاحظة الشرقاوي الأخيرة، قائلاً إنّه من غير المنصف مقارنة العالم العربي بالغرب. فقال إنّ العالم العربي خطا خطوات كبيرة في تنمية قطاع مراكز الأبحاث لديه. وذَكَرَ أنّ في قطر وحدها أكثر من عشرين مركز أبحاث، فضلاً عن مراكز أبحاث مرموقة في دول مثل تونس والمغرب والأردن توجّه عمليات صنع القرارات وترسم معالم الرأي العام. وعارض الشمّري الادّعاء بأنّ مراكز الأبحاث في العالم الديمقراطي موثوقة أكثر. فالمراكز الأوروبية والأمريكية خاضعة للكثير من القيود المالية، وبالتالي هي تبحث عن التمويل من جهات خارجية، ويأتي هذا التمويل مشروطاً. أخيراً، ناقش دور مراكز الأبحاث في خلال الأزمات، قائلاً إنّه من المهمّ التفكير في بعض العوامل، على غرار نوع الحدث وما إذا كان مركز الأبحاث يعمل في بيئة ديمقراطية أم سلطوية ومَن يموّل البحث. وأوصى أن تعمل المراكز بأسلوب توقّعي للأزمات، من أجل نشر محتوى يمكن تطبيقه في خلال الحدث الفعلي. وسلّط الضوء على الطريقة التي تؤدّي فيها مراكز الأبحاث دوراً مختلفاً عن المستشارين في خلال الأزمات. فعوضاً عن أن يقدّم شخصاً واحداً المشورة، تجمع مراكز الأبحاث فرقاً بحثية لتحليل موضوع ما من وجهات نظر مختلفة ولطرح رؤية شاملة. وختم الشمّري بقوله إنّ مركز ابن خلدون ينسّق مع العامّة أكثر منه مع صانعي القرارات، مشيراً إلى أنّ رسم معالم الرأي العام يمكنه في ما بعد أن يثّقف السياسيين وقراراتهم.

وتطرّقت جلسة الأسئلة والأجوبة اللاحقة إلى مجموعة من المسائل، من بينها تمويل مراكز الأبحاث والتواصل مع الجمهور والنشاطات، فضلاً عن دور الحكومات في تقديم البيانات. وتحدّث الشمّري عن نفوذ المموّلين في عمليات البحث، مشدّداً أنه يمكن ربط مراكز الأبحاث بالحكومات من دون أن تحدّد هذه العلاقة ما الذي تنشره المراكز. وأيّد الشرقاوي هذه الفكرة، قائلاً إنّ الداعمين الماليين لا يفرضون بالضرورة أفكارهم على باحثي مراكز الأبحاث. ورداً على أسئلة حول الطريقة التي تستطيع فيها مراكز الأبحاث الوصول بفعالية أكبر إلى صانعي القرارات، نصح الشمّري مراكز الأبحاث بتقديم تحليلات مقتضبة وسهلة وذات صلة. وفي سياق منفصل، ردّ قباني على ما إذا كانت مراكز الأبحاث في العالم العربي قادرة على توقّع أحداث عتيدة. فقال إنّه فيما تستطيع بعض مراكز الأبحاث طرح توقّعات مستقبلية عبر استخدام منهجيات محدّدة، لا تقتصر الأهمّية على توقّع الأحداث فحسب بل أيضاً على وضع خطط لمعالجتها. أخيراً، ناقش المشاركون مسألة صعوبة الوصول إلى البيانات في العالم العربي، ولفت الشمّري والشرقاوي كلاهما الانتباه إلى أنّ بعض المؤسّسات الحكومية في المنطقة تتردّد في نشر أنواع معيّنة من المعلومات.