June

27
2013

2:00 am +04 - 3:30 am +04

حقوق الأقليات: تحدٍّ يواجه عالم عربي متغيّر

Thursday, June 27, 2013

2:00 am - 3:30 am +04

مركز بروكنجز الدوحة، الدوحة، قطر


في 26 يونيو 2013، استضاف مركز بروكنجز الدوحة ندوة سياسات ناقشت تحديات حقوق الأقليات في عالمٍ عربي سريع التغير والحلول الممكنة للمضي قدماً. شارك في هذه الندوة كل من لينا بيضون زميلة مشتركة، مركز بروكنجز الدوحة وجامعة قطر؛ خالد الحروب، أستاذ مقيم، كلية العلوم الإنسانية بجامعة نورثويسترن في قطر؛ فالح جابر، مدير معهد الدراسات الإستراتجية. أدار الجلسة مدير مركز بروكنجز الدوحة سلمان شيخ بحضور شخصيات من الأوساط الدبلوماسية والأعمال والإعلام.

في مستهلّ الندوة، حاولت لينا بيضون أن تعرّف ما نعنيه بمصطلح “أقليات”. ففي حين توصف المجموعات “بالأقليات” استناداً لحجمها، قالت بيضون إنّه علينا تخطي هذا التعريف كي يضم هذا اللفظ أية فئة من المجتمع حُرمت من حقوقها. من جانبه، قدّم فالح جابر تفصيلاً بأربعة أنواع من الأقليات التي تمّ “استبعادها” من الدولة القومية العربية الحديثة، وهي مجموعات تمّ تجريدها اقتصادياً واضطهادها ثقافياً وحرمانها من المشاركة في هذه الدول الحديثة بسبب الدين أو المذهب أو تحالفاتها الإقليمية أو انتماءاتها القبلية أو المجتمعية. ومع ذلك، شكك خالد حروب في مصطلحية الأقلية والأغلبية وحث على توخي الحذر في استخدام المصطلحات التي تمثل الأقليات على أنهم كتل متجانسة في حين أنهم في الواقع مجموعات متغايرة تتكون من دائرة واسعة من الأفراد.

واتفق المتحدثون على أن قضايا الأقليات ظهرت لأول مرة على الساحة مع بناء الدولة القومية العربية الحديثة بحجة أن التمييز ضد الأقليات كان من الثوابت في تاريخ المنطقة الحديث. وعلى سبيل المثال، قالت بيضون إن التحديات التي تواجهها الأقليات في مصر ازدادت منذ تأسيس الدولة المصرية الحديثة. وأضافت أن معظم المصريين يوافقون على أن الأقليات إبان الملكية المصرية حظيت بحقوق أكثر من تلك التي تحظى بها اليوم. وفي حالة الأقباط، فإن انعدام الشمولية قادهم إلى عزل أنفسهم عن المجتمع، ولكن تغير ذلك في 2011 عندما بدأ الأقباط – وبالذات الشباب منهم – في تنظيم أنفسهم سياسياً خارج الحدود الدينية السابقة وطالبوا بإنهاء السياسات التمييزية وبالمساواة في الحقوق في الدستور المصري الجديد. ووفقا لبيضون، فبالرغم من أنه ساعد في جلب الأصوات إلى الصدارة إلا أن الانتقال في مصر لم يحسّن من وضع الأقليات. كما قالت إنّ الرئيس مرسي فشل في التعامل مع قضايا الأقليات وقاد البلد إلى اتجاه أكثر قمعاً وأقل شمولاً.

وفيما يخص تأسيس الدولة القومية الحديثة فقد أوضح جابر أن عمليات بناء الدولة وتشكيل الأمة فلحت فقط في المجتمعات المتجانسة التي تمكنت فيها الدولة من التصرف نيابة عن كل المواطنين. ومن ناحية أخرى، في حالة المجتمعات العربية المتغايرة فقد تحدث جابر عن تضارب بين هاتين العمليتين حيث فشلت الدولة في تمثيل طيف واسع من الأديان والمذاهب والقوميات. وأضاف جابر أن الملكية العراقية بنيت أصلاً على أساس تحالف سني-شيعي سمح بالشمولية والمشاركة الاقتصادية لكل الأقليات الدينية. ولكن مع نهوض الحكومة البعثية الجديدة بعد عام 1968 تغير الوضع تماماً حيث بدأت الحكومة في احتكار السلطة السياسية والاقتصادية وتركيز الموارد القومية بشكل غير متناسب في يد مذهب واحد مما أدى إلى الطائفية وانهيار التوازن السني الشيعي العراقي التقليدي. وقال جابر إن تصعيد هكذا مشاكل هو ما يعيب الأنظمة السياسية العراقية والعربية في الوقت الحاضر.

ولام حروب نقص حقوق الأقليات في الشرق الأوسط – وتشكيل مجتمعات مقسمة ومستقطبة الناتج عنه – على دور “المعتدي” الذي تلعبه الدولة العربية لخدمة مصالحها على حساب مصالح المواطنين. ولم يكن حروب متفائلا تجاه المستقبل وأكد على أن هناك سوء فهم عميق للديمقراطية القومية في العالم العربي حيث يشدد القادة العرب على أهمية الأغلبية فوق كل شيء آخر. وأضاف أنه لو فاز حزب ما بـ99بالمئة من الأصوات، فلا يعني ذلك أنه غير مسئول عن الـ1 بالمئة المتبقيين. وختاماً، قال حروب أنه يتوجب على الديمقراطية حماية الأقليات إلى جانب مصالح الأحزاب الفائزة. واقتباساً من مسودة الدستور التونسي كنموذج محتمل، عبّر حروب عن تشاؤمه تجاه تعامل الإخوان المسلمين المصريين مع الأقليات وقال إن الإخوان المسلمين في مصر يكررون النموذج الإيراني للسلطة الدينية، مشككاً في الدور الذي تلعبه الشريعة حالياً في مصر. وأوضح حروب أنه بينما ضمنت الشريعة حقوق الأقليات على نحو تقليدي، إلا أن ذلك حدث كجزء من نوع من التسلسل الهرمي الإسلامي الذي يعتبر فيه الإسلام الدين الأسمى. كما قال إن ذلك لا يلبي الحاجة الحديثة للتعايش والمساواة بين المجموعات الدينية في الوقت الحاضر.

ولدى مناقشة كيفية معالجة هذه التحديات في المستقبل، طرح جابر فكرة نظام المِلل الذي درج في عهد العثمانيين كنموذج بديل لحماية الأقليات. إلا أن بيضون عارضت هذا النهج، قائلةً إنه يتعين علينا تجاوز الانقسامات الدينية والطائفية والعرقية والثقافية، والحثّ عوضاً عن ذلك على بناء مجتمع “يرى نفسه بشكل جماعي”.

في خلال جلسة الأسئلة والأجوبة التي تلت الندوة، سأل أحد الحضور عن دور الإعلام في الترويج للطائفية والعنصرية. وفي حين أقرّ معظم المتحدثون أن الإعلام يمكنه أن يؤدي دوراً إيجابياً ومسؤولاً في تعزيز التسامح ومساعدة الأقليات على إيصال صوت قضيتهم، أشار حروب أن للحرية المتزايدة التي يتمتع بها الإعلام في العالم العربي آثارٌ سلبية بشكلٍ أو بآخر، إذ أشار إلى أن الرسائل الدينية كانت غامضة في ما مضى إلا أنها باتت اليوم تُنشر على نطاق واسع مما يؤدي إلى زيادة حدة الاستقطاب في المجتمعات العربية.

حقوق الأقليات: تحدٍّ يواجه عالم عربي متغيّر

حقوق الأقليات: تحدٍّ يواجه عالم عربي متغيّر