October

22
2018

1:00 am AST - 2:30 am AST

تركيا في مرحلة جديدة: التحديات والفرص

Monday, October 22, 2018

1:00 am - 2:30 am AST

فندق انتركونتيننتال الدوحة
بجانب كتارا، قاعة الوجبة


DC

نظّم مركز بروكنجز الدوحة ندوة في 21 أكتوبر 2018 لمناقشة أهمّية التطوّرات الداخلية والخارجية الأخيرة لمستقبل تركيا الاقتصادي والسياسي. وقد توقّفت الندوة عند الأسئلة الآتية: ما هو المستقبل الاقتصادي والسياسي المتوقَّع لتركيا؟ وماذا ستكون الطبيعة التي ستتّسم بها هيكلية تحالفات تركيا وهوّيتها الجيوسياسية؟ وكيف تعالج الحكومة تداعيات أزمة العملة؟ وأين يكمن مستقبل تركيا الاقتصادي؟

ضمتالندوة مجموعةً من الخبراء البارزين، بمَن فيهم إبراهيم طورهان، رئيس بورصة إسطنبول السابق ومديرها التنفيذي ونائب حاكم البنك المركزي التركي، وغالب دالاي، زميل غير مقيم في مركز بروكنجز الدوحة ومدير الأبحاث في منتدى الشرق، وطه أوزهان، الرئيس السابق للجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي ومدير الأبحاث في معهد أنقرة. وأدار الندوة طارق يوسف، مدير مركز بروكنجز الدوحة، وحضرها لفيف من الأوساط الدبلوماسية والأكاديمية والإعلامية في الدوحة.

وبدأ طارق يوسف النقاش من خلال التركيز على التحدّيات السياسية والجيوسياسية والاقتصادية والاجتماعية المتعدّدة التي واجهتها تركيا، فقد عانت صدمات اقتصادية أثّرت على عملتها (الليرة). ويتمخّض عن ذلك عواقب تطال سلامة النظام المصرفي والتضخّم والتطوير العقاري والمشهد الاقتصادي الإجمالي للبلاد. بالإضافة إلى ذلك، وواجهت تركيا عقبات رافقت التغيّر السياسي بعد الإصلاحات الدستورية. ومن الناحية الجيوسياسية، تواجه تركيا تحدّيات في سوريا وفي علاقتها مع دول مثل إيران وروسيا والولايات المتّحدة. ومؤخّراً، برزت تركيا كجهة ناشطة في قضيّة الصحافي السعودي البارز الراحل جمال خاشقجي.

وقدّم إبراهيم طورهان نظرةً اقتصادية عامة عن الوضع في تركيا. فبدأ من خلال التشديد على أنّ تركيا لطالما شكّلت جزءاً لا يتجزّأ من النظام الاقتصادي العالمي وأنّ وضعَها في قلب هذا السياق العالمي أمرٌ غاية في الأهمّية، إذ يتأثّر اقتصادها إلى حدّ كبير في مجريات العالم. وقال إنّ مشكلة تركيا الأساسية هي غياب قاعدة ضرورية للادّخارات المحلّية. ووصف كيف أنّ النموّ السريع السابق قد مارس ضغطاً على الاقتصاد التركي فنجم عنه تضخّمٌ واعتمادٌ على الاقتراض من الخارج.

وفسّر طورهان أنّه منذ نهاية شهر سبتمبر ظهر تغيّرٌ واضح في معدّل انخفاض قيمة العملة نتيجة تضاؤل التوتّرات في العلاقات الخارجية التركية. وقد أشار هذا التغيّر إلى أنّ تركيا قد بدأت بالابتعاد عن باقي الأسواق الناشئة في مسار نحو الأفضل. فقد تعافت الليرة التركية وسجّلت الأسواق التركية أداءً أفضل نسبياً مقارنةً بأسواق مالية أخرى. وقد اقترح طورهان توطيدَ العلاقات الاقتصادية مع الشرق الأوسط كحلّ للوضع، غير أنّه افترض أنّ ذلك لن يكون بالأمر السهل في منطقة مقيّدة بعلاقات دولية وبعلاقات بين الحكومات. وختم ملاحظاً أنّه من خلال إدارة العلاقات الخارجية بإمكان تركيا أن تجذب المزيد من التمويل الخارجي.

وشدّد طه أوزهان على أهمّية فهم سياسة تركيا المحلّية بغية استيعاب التحدّيات الاقتصادية بشكل أفضل. واستعرض موجزاً تاريخياً عن إنجازات البلاد الماضية وإخفاقاتها. وأشار إلى أنّه قبل العام 2002، كان لتركيا جانبان غربيّ وشرقيّ، ممّا يعني أنّ جزءاً واكب عصر العولمة فيما بقي الجزء متأصّلاً في حقبة الحرب الباردة. وتابع قائلاً إنّه منذ العام 2002 حتّى اليوم طُرحت مسائل متعدّدة واعتُمدت مجموعة من التسميات في الأبحاث والدراسات، مثل آلام التطبيع وموازنة العلاقات المدنية العسكرية وموازنة دور تركيا الإقليمي.

وعلى الرغم من أنّ أوزهان وافق على هذه التسميات، أشار إلى أنّه سيحاول بنفسه اعتماد تسمية مختلفة لتركيا. وتابع مفسّراً الظروف المحلّية والاجتماعية والاقتصادية التي ساهمت في بروز حزب العدالة والتنمية، الحزب الحاكم في تركيا. ووصف الحقبة من العام 2002 حتّى العام 2007 على أنّها فترة دمقرطة راديكالية. فقد شكّلت حقبةً جديدة من الاستقرار بعد عدد من الانقلابات وبعد الإطاحة بما خلّفته الحقبة السابقة. وختم أوزهان بأنّ الأحداث والديناميات الخارجية، مثل الربيع العربي، تؤدّي دوراً مؤثّراً ساهم في بلورة سياسات تركيا المحلّية والخارجية.

وتناول غالب دالاي الموضوع من خلال تقسيم ملاحظاته إلى فئات مختلفة متعدّدة وفقاً لعلاقات تركيا الخارجية، مركّزاً بوجه خاص على سياق كلّ فئة وتحدّياتها. وأسهب في الحديث عن علاقات تركيا مع الولايات المتّحدة وروسيا والشرق الأوسط. وفي ما يتعلّق بالعلاقات التركية الأمريكية، قال دالاي إنّه لم يتمّ يوماً تحديد إطار جديد بين البلدَين بعد نهاية الحرب الباردة. وقد أدّى ذلك إلى تزايد الشكاوى والأزمات. علاوة على ذلك، اختلفت وجهتا النظر التركية والأمريكية حيال مصادر التهديد في المنطقة، ممّا عرقل قدرتهما على التعاون بفعالية أكبر، فتأثّرت أيضاً بذلك عضويةُ تركيا في حلف شمال الأطلسي من حيث نوعية هذه العضوية ومعناها.

أمّا العلاقات الروسية التركية، فعنوانها العريض هو البراغماتية. ومن المعروف أنّ للبلدَين مصالحَ متعارضة بشكل مباشر. وقد برز هذا الصدام بين الاتّحاد السوفياتي وتركيا في القرن العشرين واستمرّ حتّى اليوم. وقال دالاي إنّ مستقبل العلاقات الروسية التركية مسألةٌ شخصية للغاية بالنسبة إلى الفريقَين، غير أنّ العلاقة لا تزال غير محدّدة إلى حدّ كبير، فهي لا تضمّ سياسةً أو إطار عمل متماسكاً لتوجيه تصرّفات تركيا وروسيا من الآن فصاعداً. أخيراً، ناقش دالاي موضوع تركيا والشرق الأوسط. فتطرّق إلى مسألة اغتيال جمال خاشقجي، مفترضاً بأنّها قد تكون مسألة حيوية لنشوء نفسيّة سياسية جديدة تحرّض الشعب ضدّ الأنظمة السلطوية في الشرق الأوسط. وفي ما يتعلّق بإيران، ذكر دالاي أنّ تركيا ستشكّك دائماً في أيّ من طموحات إيران الهادفة إلى التوسّع الجيوسياسي. إذ تعارض إيران سياسة تركيا الخارجية وحضورها في سوريا. لكن يبدو أنّ البلدَين مستعدّان لتخطّي هذه العداوة والعمل معاً على مسائل مثل التجارة وجهود مكافحة الإرهاب في العراق.

وركّزت فقرة الأسئلة والأجوبة التي تلت النقاش على تداعيات هذه المسائل السياسية والجيوسياسية والاقتصادية المتعدّدة. فبالنسبة إلى بلدان ذات مراكز جيوسياسية حسّاسة على غرار تركيا، يسير الاقتصاد والسياسة يداً بيد. لذلك، سيكون من الصعب معالجة التحدّيات الاقتصادية من دون فهم السياستَين المحلّية والإقليمية. من الضروري أيضاً وضع إطار عمل يضمن أمن تركيا الوطني. وبشكل عام، سلّطت هذه الفقرة الضوء على أنّ تركيا تسير على قدم وساق في تنفيذ الإجراءات الصحيحة لمعالجة التحدّيات الاقتصادية المتعدّدة التي تواجهها.