May

11-12
2020

الصحّة العامة وفيروس كورونا المستجدّ في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: التداعيات والاستجابات والتوقّعات

Monday, May 11 - Tuesday, May 12, 2020


نظّم مركز بروكنجز الدوحة ندوة عبر الإنترنت في 11 مايو 2020 حول أنظمة الصحّة العامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا واستجابتها لجائحة فيروس كورونا المستجدّ. وناقش المشاركون  استراتيجيات الاحتواء الفعّالة والإجراءات التي تأخذها دول مجلس التعاون الخليجي والسياقَ القطري. وتألّفت اللجنة من مجموعة من الخبراء المرموقين، من بينهم حنان عبد الرحيم، عميدة كلية العلوم الصحّية في جامعة قطر؛ ومحمد فيرجي، مساعد العميد لشؤون الطلاب في كلية وايل كورنيل للطب في قطر؛ وسامح السحرتي، أختصاصي أوّل في الشؤون الصحية في البنك الدولي.

استهلّت حنان عبد الرحيم النقاش، وفسّرت ما الذي يجعل الاستجابة للجائحة فعّالة. فتطرّقت بداية إلى الدول التي نجحت في احتواء الفيروس، على غرار كوريا الجنوبية وتايوان ونيوزيلندا. فعند النظر إلى استراتيجيات تلك الدول، يرى المرء نقاطاً مشتركة تشير إلى الخطوات اللازمة لاحتواء الجائحة. أولاً، بيّنت التجربة الدولية أهمّية التحلّي بآلية حوكمة منظّمة، لأنها تخوّل الدولة اتخاذ خطوات حازمة منذ بداية الطريق. وشدّدت عبد الرحيم على أنّ الاستجابة السريعة حاسمة وأنّ الإجراءات الصارمة تخسر من فعاليتها في حال تأخّرها. علاوة على ذلك، تستلزم الاستجابة الناجحة القدرةَ إجراء الفحوصات على نطاق واسع. وينبغي أن تكون الدول قادرة على فحص لا أولئك الذي يُظهرون العوارض فحسب، بل السكّان بالإجمال، فهذا يمنح فهماً أفضل لتفشّي الفيروس. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي على الدول الاستفادة من التكنولوجيا للتعقّب واقتفاء الأثر، وإطلاع الشعب بوضوح ما المطلوب منه. ثمّ تحدّثت عبد الرحيم عن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وعن وضعها في وجه فيروس كورونا المستجدّ. ومع أنّ العالم العربي ليس بكتلة متجانسة، تتشابه عدّة دول عربية بأن شعبها شاب، وهذا ما سمح بتسجيل معدلات وفاة أقلّ. أخيراً، برهنت الأردن على أنّه حتى مع موارد أقلّ، باستطاعة الدولة كبح تفشّي الفيروس في حال طبّقت الإجراءات الصحيحة. 

وتابع سامح السحرتي النقاش واستعرض إجراءات الاحتواء التي اعتمدتها دول مجلس التعاون الخليجي. أولاً، أوقفت الدول باكراً السفر الدولي، ممّا ساعد على السيطرة على حالات الإصابة الوافدة. كذلك، ألغت الحكومات الفعاليات الكبرى وأقفلت مواقع اللقاءات العامة ووضعت توجيهات للتباعد الاجتماعي. ودعماً لهذه الإجراءات، تحلّت الدول في أرجاء الخليج بنظام قويّ لإجراء الفحوصات والعزل واقتفاء الأثر. فقد قدّمت الكويت، مثلاً، سوارات تعقّب لكلّ المواطنين العائدين من الخارج، مما قلّل من الحاجة إلى اللجوء إلى حجر مؤسساتي. أخيراً، برهنت دول مجلس التعاون الخليجي على قدرتها الكبيرة على حماية العاملين في قطاع الرعاية الصحّية وعلى إطلاق الحملات التي تركّز على النظافة الشخصيّة والتباعد الاجتماعي. علاوة على ذلك، تحدّث السحرتي عن آثار الجائحة على أنظمة الصحّة العامة في أرجاء الخليج. ولفت الانتباه إلى أنّه، على غرار باقي العالم، وضع الفيروس عبئاً على منشآت الطوارئ، لكن الخدمات غير الطارئة لا تلقّى الانتباه عينه. وقال السحرتي إنّ فيروس كورونا المستجدّ سبّب انخفاضاً نسبته 50 في المئة في الرعاية الروتينية في دول مجلس التعاون الخليجي وإنّه يتمّ إلغاء 8 ملايين لقاء مع مرضى في الأسبوع.

وأعطى محمد فيرجي المزيد من التفاصيل عن حالة قطر. ولفت إلى أنّه عندما بدأت أنباء فيروس كورونا المستجدّ ومخاطره بالبروز، لم يكن في البلاد أيّ إصابة. وقد سمح انتشار الفيروس بداية في آسيا ثمّ في أوروبا لقطر بالتحضّر واتّخاذ إجراءات استباقية. علاوة على ذلك، خصّصت قطر الكثير من مواردها لكبح تفشّي الفيروس. فأنشأت مراكز فحص يمكن عبورها بالسيارة وخصّصت أكثر من 11 ألف سرير للمتماثلين للشفاء و30 فندقاً لاستضافة المحجورين. ومع أنّ قطر سجّلت عدداً كبيراً من الإصابات تمكّنت من معالجة كلّ مرضاها من دون الوقوع تحت ضغط شديد. زد على ذلك أنّ معدّل الوفيات في البلاد منخفض للغاية، ويعزى ذلك على الأرجح إلى سكّانها الشباب. أخيراً، قال فيرجي إنّه ينبغي على الدول الانتظار قبل تخفيف إجراءات التباعد الاجتماعي لكي تتفادى موجة تفشٍّ ثانية. وتعطي ألمانيا درساً تحذيرياً في هذا الخصوص، فقد حافظت على معدلات وفيات منخفضة مقارنة بالدول الأوروبية المجاورة لها في بداية الجائحة. بيد أنّها تشهد الآن ارتفاعاً ثانياً في عدد الإصابات بعد أنّ خفّفت القيود قليلاً.

وفي جلسة الأسئلة والأجوبة اللاحقة، ناقش المشاركون إجراءات تخفيف القيود وإعادة فتح الاقتصاد واللقاحات. ولفتت عبد الرحيم الانتباه إلى أنّه قبل تخفيف القيود، ينبغي على الدول الانتباه جيداً إلى معدّل الإصابات اليومي للحرص على أنّ معدّل الإصابات الجديدة في البلاد في تراجع مستمرّ. كذلك، ينبغي عليها أن تتحضّر للتصرّف بسرعة في حال بروز تفشٍّ ثانٍ. وقال السحرتي إنّ بعض القطاعات الاقتصادية ستتمكّن من الفتح قبل غيرها، ولا سيّما القطاعات التي تُبقي الخطر الصحّي منخفضاً ومنفعتها الاقتصادية عالية. أخيراً، علّق فيرجي على إمكانية التوصّل إلى لقاح وقال إنّه قد لا يكون الحلّ لكلّ مشاكلنا. فالكثيرون مثلاً يعاودون الإصابة بالإنفلونزا على الرغم من أنّهم حصلوا على لقاح.